مصباح           16
       
      إیّاک و أن تظنّ من قولنا: إنّ مرتبة الإسم «اللّه» الأعظم أقرب الأسماء إلی عالم القدس و أوّل مظاهر الفیض الأقدس باعتبار اشتماله علی کل  الأسماء و الصفات، أنّ سائر  الأسماء الإلهیّة غیر جامعة لحقائق الأسماء، ناقصة فی تجوهر ذاتها. فإنّ هذا ظنّ الّذین کفروا بأسماء اللّه و یلحدون فیها،  فحجبوا عن أنوار وجهه  الکریم. بل الإیمان بها أن تعتقد أنّ کلّ اسم من الأسماء الإلهیّة جامع لجمیع الأسماء مشتمل علی کلّ الحقائق. کیف، و هی متّحدة الذات مع  الذات المقدّسة،  و الکلّ متّحد مع الکلّ؛ و لازم عینیّة الصفات مع الذات و الصفات بعضها مع بعض ذلک. 
      و أمّا قولنا: إنّ الإسم الکذائی من أسماء الجلال، و ذاک من أسماء الجمال، و 
      
[[page 19]]هذا «الرحیم الرحمن»، و ذلک «القهّار الجبّار»، باعتبار ظهور کلّ فیما اختصّ به، و أنّ ما یقابله باطن فیه: ف «الرحیم» تکون الرحمة فیه ظاهرة، و السخط باطناً فیه.  و الجمال ظهور الجمال بطون الجلال؛ و الجلال بالعکس. و «الظاهر» مختف فی الباطن، و «الباطن» مستکنّ فی الظاهر. و کذا «الأوّل» فی الآخر، و «الآخر» فی الأوّل. 
      و أمّا اسم «اللّه» الأعظم، ربّ الأسماء و الأرباب، فهو فی حدّ الإعتدال و الإستقامة؛ و له البرزخیّة الکبری: لا الجمال یغلب  جلاله، و لا الجلال جماله؛ لا الظاهر حاکم علی باطنه، و لا الباطن علی ظاهره. فهو الظاهر فی عین البطون،  و الباطن فی عین الظهور، و الأوّل بعین  الآخریّة، و الآخر بعین الأوّلیّة. فاعرف ذلک،  فإنّه باب واسع للمعرفة. 
      
         
      
      
        [[page 20]]