المشکاة الثانیة

نور 11

کد : 140608 | تاریخ : 28/06/1395

نور            11

‏ ‏

و لنرجع إلی المقصود الأصلی؛ فإنّ الرسالة غیر موضوعة لتحقیق هذه المباحث و التطویل فی تلک المعارج. فلیعذرنی إخوانی عمّا خرج عنان القلم عن الإختیار. 

فنقول: لک أن ترتقی إلی أوج الحقیقة لفهم أسرار أهل المعرفة؛ فاسمع لمانتلو علیک، و اعلم أنّ هذه الخلافة أیضاً خلافة فی الظهور. فإنّ الأوّل، جلّ مجده، لمّا أراد أن یظهر فی الأکوان، لرؤیة نفسه و کمالات ذاته فی مرآة کاملة جامعة، تجلّی باسمه الأعظم الأتمّ الّذی له مقام أحدیّة الجمع. فأشرقت من ذلک التجلّی سموات الأرواح و أراضی الأشباح. فکلّ المراتب الوجودیة و الحقائق النزولیّة و الصعودیّة من تعیّن تجلّیه الذاتی الحاصل بالإسم الأعظم. فمقام الخلافة مقام استجماع کلّ الحقائق الإلهیّة و الأسماء المکنونة المخزونة. فحیت لاحجاب فی الوجود من ناحیة الربّ الودود، فإنّ الحجاب من التعیّنات و الحدود، و إذ لا تعیّن من ناحیة عالم القدس، فلا حجاب، فکان ذاته بذاته ظهرت فی الأشیاء، و علی حدّ إطلاقه أشرقت الأرض و السماء: «و أَشرَقَتِ الأرضُ بِنُورِِ رَبِّها.»[1] الّذی هو الحقیقة الإطلاقیّة الجامعة لکلّ الحقائق و التعیّنات المشهودة و المعلومة فی العالمین، من ناحیة عالم الکثرة و الجنبة الخلقیّة: «و ما أَصَابَکَ مِن سَیِّئَةٍ فَمَن نَفسِکَ. »[2] فمن عرف حقیقة استهلاک الوجود المنبسط و الإحاطة القیّومیّة للذات الواجبة و عدم النسبة، أیّة نسبة، بینها و بین الخلق و تنزّهها عن کلّ التعیّنات، یمکن له معرفة هذا الظهور الذاتی و التجلی الأسمائی و الصفاتی. فمن کون التجلیی بالأسماء و فی هیاکل الممکنات، کان التجلّی ذاتیاً؛ بلا ملابسة بأقذار التعیّنات الخلقیّة و مناسبة لسکّان عالم من العوالم. فاعرف و لا تختلط. 

 

[[page 51]]

  • ـ (الزمر / 69)
  • ـ (النساء / 79)

انتهای پیام /*