الجهـة الأولیٰ : فی تعریف الإجماع
إنّ الإجماع عند العامّـة حجّـة بنفسـه فی مقابل سائر الأدلّـة ، وقد عرّفوه بتعاریف :
منها : ما عن الغزالی : «أنّـه عبارة عن اتفاق اُمّـة محمّد صلی الله علیه و آله وسلم علی أمر من الاُمور الدینیـة» .
منها : ما عن الرازی من تفسیره «بأنّـه اتفاق أهل الحلّ والعقد من اُمّـة محمّد صلی الله علیه و آله وسلم علی أمر من الاُمور» .
منها : ما عن الحاجبی من تعریفـه «بأنّـه اتفاق المجتهدین من هذه الاُمّـة
[[page 451]]علی أمر من الاُمور» .
والظاهر : أنّ استنادهم فی حجّیـة الإجماع إلی ما رووه عن النبیّ صلی الله علیه و آله وسلم أنّـه قال : «لا تجتمع اُمّتی علی الضلالـة أو الخطأ» هذا ، ولایخفی : أنّ ظاهر هذه الروایـة مطابق لتعریف الغزالی ، ولکن الغزالی وغیره لمّا رأوا أنّ ذلک ینافی مع ثبوت الخلافـة لأبی بکر ومن بعده من مشایخهم أعرضوا عن هذا التعریف ، مع أنّ تعریفهم أیضاً لایثبت مقصودهم ؛ ضرورة عدم تحقّق الاتفاق من جمیع أهل الحلّ والعقد ، وکذا من جمیع المجتهدین ، کما هو واضح .
هذا ، وأمّا الإجماع عند الإمامیـة فلیس دلیلاً مستقلاًّ برأسـه ، بل حجّیتـه إنّما هو لکشف ذلک عن رأی المعصوم علیه السلام فهو الحجّـة ، والإجماع کاشف عنها ، إمّا من باب اللطف أو الحدس أو غیرهما من الوجوه التی ستجیء ، ولایکون لمجرّد الاتفاق فی نظرهم استقلال بالدلیلیـة ، کما لایخفی .
[[page 452]]