هل ا‏لبحث عن ا‏لتجرّی من ا‏لمباحث ا‏لاُصولیّـة أم لا‏؟

کد : 144271 | تاریخ : 02/12/1394

هل البحث عن التجرّی من المباحث الاُصولیّـة أم لا ؟

‏ ‏

‏إنّما الکلام یقع فی استحقاق العقوبـة علی التجرّی والمثوبـة علی الانقیاد‏‎ ‎‏وعدمـه ، وهل البحث فی المقام یکون بحثاً فی المسألـة الاُصولیـة ، أو أنّها من‏‎ ‎‏المسائل الفقهیـة أو الکلامیـة ؟‏

‏لا إشکال فی أنّـه إذا قرّر محلّ النزاع ثبوت الحرمـة للتجرّی ، فیقال‏‎ ‎‏التجرّی هل هو حرام أو لا ؟ تصیر المسألـة فقهیـة محضـة ، کما أنّـه إذا قرّر‏‎ ‎‏بالوجـه الذی ذکرنا ، وهو استحقاق العقوبـة علی التجرّی وعدمـه تصیر مسألـة‏‎ ‎‏عقلیـة کلامیـة ؛ لأنّ مرجعـه إلی حسن عقوبـة المولی للمتجرّی وقبحها ، کما‏‎ ‎‏لایخفی .‏

وقد یقال‏ : بإمکان إدراجها فی المسائل الاُصولیـة التی یکون الضابط فیها‏‎ ‎‏هو وقوعها کبری لقیاس استنباط الأحکام الکلّیـة الفقهیـة ، أو کونها حجّـة فی‏‎ ‎‏الفقـه ، وذکر لـه وجوه :‏

منها‏ : ما تسالموا علیـه من أنّ البحث إذا وقع فی أنّ ارتکاب الشیء‏
‎[[page 376]]‎‏المقطوع حرمتـه هل هو قبیح أو لایندرج المسألـة فی المسائل الاُصولیـة التی‏‎ ‎‏یستدلّ بها علی الحکم الشرعی ؛ وذلک لأنّـه بعد ثبوت القبح یستکشف الحرمـة ؛‏‎ ‎‏لقاعدة الملازمـة . ومرجع هذا الوجـه إلی أنّ النزاع إنّما هو فی قبح التجرّی‏‎ ‎‏وعدمـه‏‎[1]‎‏ .‏

وفیـه ما لایخفی‏ : ضرورة أنّ قاعدة الملازمـة ـ علی تقدیر تسلیمها ـ إنّما‏‎ ‎‏هو فی غیر المقام ممّا لایکون حکم العقل معلولاً لحکم الشرع ، نظیر قبح الظلم ،‏‎ ‎‏وأمّا فی مثل المقام ممّا یکون حکم العقل واقعاً فی سلسلـة المعلولات للأحکام‏‎ ‎‏الشرعیـة فلا تجری قاعدة الملازمـة أصلاً . ألا تری أنّ العقل یحکم بقبح العصیان‏‎ ‎‏ولزوم الإطاعـة ، مع أنّـه لو کانت المعصیـة منهیاً عنها ، والإطاعـة مأموراً بها من‏‎ ‎‏قبل الشارع یلزم النواهی والأوامر الغیر المتناهیـة ؛ ضرورة أنّ لذلک النهی أیضاً‏‎ ‎‏عصیاناً وإطاعـة ، وللنهی الثالث أیضاً کذلک ، إلی أن یتسلسل . وقبح التجرّی أیضاً‏‎ ‎‏کقبح المعصیـة لایکون مورداً لقاعدة الملازمـة أصلاً .‏

‏سلّمنا ذلک ، لکنّـه لایوجب صحّـة إدراج المقام فی المسائل الاُصولیـة ؛‏‎ ‎‏ضرورة أنّ البحث فی ثبوت حکم العقل بالقبح إنّما هو بحث صغروی ؛ إذ بعد‏‎ ‎‏ثبوت القبح نحتاج أیضاً إلی ضمّ الکبری لیستنتج الحکم الشرعی . ووقوع‏‎ ‎‏المسألـة فی صغری قیاس الاستنباط یخرجها عن کونها مسألـة اُصولیـة ، وإلاّ‏‎ ‎‏یلزم دخول کثیر من المسائل الخارجـة عنها فیها ، کالبحث عن کون شیء مقدّمـة‏‎ ‎‏للواجب ونظائره ، وهو ممّا لایلتزم بـه أحد ، کما لایخفی .‏

منها‏ : ما فی تقریرات المحقّق النائینی ‏‏قدس سره‏‏ من أنّـه لو کان مستند القائل‏‎ ‎‏باستحقاق المتجرّی للعقاب هی دعوی أنّ الخطابات الشرعیـة تعمّ صورتی‏
‎[[page 377]]‎‏مصادفـة القطع للواقع ومخالفتـه ، ویندرج المتجرّی فی عموم الخطابات‏‎ ‎‏الشرعیـة حقیقـة تصیر المسألـة من المباحث الاُصولیـة‏‎[2]‎‏ .‏

‏وفیـه ما لایخفی ؛ فإنّ دعوی إطلاق الخطاب لایوجب اندراج المسألـة فی‏‎ ‎‏المسائل الاُصولیـة ، فإنّها بحث صغروی مندرج فی الفقهیات ؛ لأنّک قد عرفت أنّ‏‎ ‎‏المسائل الاُصولیـة هی الکبریات الواقعـة فی قیاس استنباط الأحکام الفرعیـة ،‏‎ ‎‏کالبحث عن حجّیـة أصالـة الإطلاق ، لا البحث عن شمولـه لمورد ، وإلاّ یلزم‏‎ ‎‏دخول جلّ المسائل الفقهیـة فی الاُصول ، ضرورة أنّـه قلّما یتّفق فی مسألـة من‏‎ ‎‏المسائل الفقهیـة أن لایقع البحث عن شمول العموم أو الإطلاق بالنسبـة إلی‏‎ ‎‏بعض الموضوعات ، کما لایخفی .‏

‏ ‏

‎ ‎

‎[[page 378]]‎

  • )) درر الفوائد ، المحقّق الخراسانی : 36 .
  • )) فوائد الاُصول (تقریرات المحقّق النائینی) الکاظمی 3 : 37 .

انتهای پیام /*