تفصیل ا‏لمحقّق ا‏لنائینی فی ا‏لمخصّص ا‏للبّی

کد : 144333 | تاریخ : 02/12/1395

تفصیل المحقّق النائینی فی المخصّص اللبّی

‏ ‏

‏ثمّ إنّـه فصّل المحقّق النائینی ‏‏قدس سره‏‏ ـ علیٰ ما فی التقریرات ـ فی المخصّص‏‎ ‎‏اللبّی بین ما إذا کان الذی لم یتعلّق بـه إرادة المولیٰ من العناوین الغیر الصالحـة‏‎ ‎‏لأن تکون قیداً للموضوع وکان إحرازها من وظیفـة الآمر بأن کان من قبیل‏‎ ‎‏الملاکات وبین ما إذا کان ذلک من العناوین التی لا تصلح إلاّ أن تکون قیداً‏‎ ‎‏للموضوع ولم یکن إحراز انطباقها علیٰ مصادیقها من وظیفـة الآمر والمتکلّم ، بل‏‎ ‎‏من وظیفـة المأمور والمخاطب ، فقال بالجواز فی الأوّل دون الثانی .‏

مثال الثانی‏ : قولـه ‏‏علیه السلام‏‏ : «‏انظروا إلیٰ رجل قد رویٰ حدیثنا‏ . . .»‏‎[1]‎‏ ، فإنّـه‏‎ ‎‏عامّ یشمل العادل وغیره ، إلاّ أ نّـه قام الإجماع علی اعتبار العدالـة ، فتکون قیداً‏‎ ‎‏للموضوع ، ولایجوز الرجوع إلی العموم عند الشکّ فی عدالـة مجتهد ، کما إذا کان‏‎ ‎‏اعتبار العدالـة بدلیل لفظی .‏

ومثال الأوّل‏ : قولـه ‏‏علیه السلام‏‏ : «‏اللهمَّ العن بنی أُمیّـة قاطبـة»‎[2]‎‏ حیث یعلم أنّ‏‎ ‎‏الحکم لایشمل المؤمن منهم ؛ لأنّ اللعن لایصیب المؤمن ، فالمؤمن خرج عن‏‎ ‎‏العامّ ؛ لانتفاء ملاکـه ، ولایکون قیداً للموضوع ؛ فإنّ مثل حکم اللعن لایصلح أن‏‎ ‎‏یعمّ المؤمن حتّیٰ یکون خروجـه من باب التخصیص ، ویکون إحراز أنّ فی بنی‏‎ ‎‏أُمیـة مؤمناً إنّما هو من وظیفـة المتکلّم حیث لایصحّ لـه إلقاء العموم إلاّ بعد إحراز‏‎ ‎‏ذلک ، فلو فرض أ نّـه علمنا بکون خالد بن سعید مثلاً مؤمناً ، کان ذلک موجباً لعدم‏
‎[[page 284]]‎‏اندراجـه تحت العموم ، ولکن المتکلّم لم یبیّنـه لمصلحـة هناک اقتضت ذلک ،‏‎ ‎‏فلایجوز لنا لعنـه ؛ لعلمنا بعدم ثبوت الملاک فیـه ، وأمّا إذا شککنا فی إیمان أحد‏‎ ‎‏منهم ، فاللاّزم الأخذ بالعموم وجواز لعنـه ؛ لأنّـه من نفس العموم یستکشف أ نّـه‏‎ ‎‏لیس بمؤمن ، وأنّ المتکلّم أحرز ذلک حیث إنّـه من وظیفتـه ، فلو لم یحرز أنّ‏‎ ‎‏المشکوک غیر مؤمن ، لما ألقی العموم کذلک ، فأصالـة العموم حینئذٍ جاریـة ،‏‎ ‎‏ویکون المعلوم الخروج من التخصیص الأفرادی حیث إنّـه لم یؤخذ عنوان قیداً‏‎ ‎‏للموضوع‏‎[3]‎‏ . انتهی .‏

وأنت خبیر بأنّ محلّ النزاع فی هذا المقام‏ : هو ما إذا کان الخاصّ عنواناً کلّیاً‏‎ ‎‏ذا مصادیق وأفراد ، غایـة الأمر کون بعض المصادیق مردّداً ، وأمّا إذا کان‏‎ ‎‏التخصیص أفرادیاً ، فلا إشکال فی جواز التمسّک بالعامّ ؛ لأنّ مرجع الشکّ إلی‏‎ ‎‏الشکّ فی التخصیص الزائد ، وحینئذٍ نقول : إن کان الخارج عن عموم قولـه :‏‎ ‎‏«‏اللهمّ العن بنی أُمیـة قاطبـة‏» هو عنوان المؤمن ، فمن الواضح عدم الفرق بینـه‏‎ ‎‏وبین سائر الموارد ، کما هو واضح ، وإن کان التخصیص أفرادیاً ، فالقول بالجواز‏‎ ‎‏فیـه لیس تفصیلاً فی محلّ النزاع ، کما عرفت .‏

ثمّ إنّـه قد استدلّ أیضاً علی الجواز فی مورد النزاع‏ : بأنّ قول القائل : أکرم‏‎ ‎‏العلماء ، یدلّ بعمومـه الأفرادی علیٰ وجوب إکرام کلّ واحد من العلماء ،‏‎ ‎‏وبإطلاقـه علیٰ سرایـة الحکم إلیٰ کلّ حالـة من الحالات التی تفرض للموضوع ،‏‎ ‎‏ومن جملـة حالاتـه کونـه مشکوک الفسق والعدالـة ، کما أنّ من جملـة حالاتـه‏‎ ‎‏کونـه معلوم العدالـة أو معلوم الفسق ، وخرج بقولـه : لا تکرم الفسّاق من العلماء ،‏‎ ‎‏معلوم الفسق منهم ، لا لمدخلیـة العلم فی الموضوع ، بل لأنّ المعلوم خروج معلوم‏
‎[[page 285]]‎‏الفسق ، ولایعلم خروج الباقی ، فمقتضی أصالـة العموم والإطلاق بقاء المشکوک‏‎ ‎‏تحت الحکم هذا .‏

‏وهذا الدلیل أوضح فساداً من الدلیل المتقدّم ، وذلک لأنّ موضوع حرمـة‏‎ ‎‏الإکرام إنّما هو الفاسق الواقعی ، لا الفاسق المعلوم ، وحینئذٍ فلو قیل بشمول حکم‏‎ ‎‏العامّ لـ «زید» الذی هو مشکوک الفسق ، یلزم اجتماع حکمین واقعیّین ـ : أحدهما‏‎ ‎‏إیجابی ، والآخر تحریمی مثلاً ـ علی إکرامـه لو کان فی الواقع فاسقاً ، فهو من‏‎ ‎‏حیث إنّـه مشکوک الفسق یکون إکرامـه واجباً بمقتضی العامّ ، ومن جهـة أ نّـه‏‎ ‎‏فاسق واقعاً یکون إکرامـه محرّماً بمقتضیٰ دلیل الخاصّ هذا ، ولو صحّ ما ذکره یلزم‏‎ ‎‏تعلّق حکمین بإکرامـه من جهـة واحدة ، وذلک لأنّ الإطلاق الاحوالی کما یجری‏‎ ‎‏فی دلیل العامّ یجری فی الخاصّ أیضاً ؛ لأنّ موضوعـه هو الفاسق الواقعی ، سواء‏‎ ‎‏کان معلوم الفسق أومشکوکـه ، فزید من حیث إنّـه مشکوک الفسق کمایجب‏‎ ‎‏إکرامـه بمقتضی إطلاق العامّ کذلک یکون مقتضی دلیل الخاصّ حرمـة إکرامـه ،‏‎ ‎‏ومن الواضح استحالـة اجتماع الحکمین .‏

وتوهّم‏ : اندفاع الإشکال الأوّل بأنّ اجتماعهما فی المقام نظیر اجتماع‏‎ ‎‏الحکم الواقعی مع الظاهری ، وذلک ؛ لأنّ حکم الخاصّ غیر مقیّد بخلاف العامّ ،‏‎ ‎‏فإنّ شمولـه لـه إنّما هو من حیث کونـه مشکوک الفسق ، فموضوعـه مقیّد بالشکّ‏‎ ‎‏دون حکم الخاصّ .‏

مندفع‏ : بأنّ الجمع بین الحکم الواقعی والظاهری من جهـة أنّ الشکّ فی‏‎ ‎‏الأوّل مأخوذ فی موضوع الثانی ، وهنا لیس کذلک ؛ لأنّ شمول العامّ لـه لیس‏‎ ‎‏لکونـه مشکوک الحکم ، بل لکونـه مشکوک الفسق ، فلاربط لهذا المقام بذلک‏‎ ‎‏الباب .‏

‏والذی یسهّل الخطب أنّ معنی الإطلاق لیس کما توهّمـه المستدل ، بل هو‏
‎[[page 286]]‎‏ـ کما ذکرناه مراراً ـ عبارة عن أنّ تمام الموضوع للحکم المجعول هو المذکور بلا‏‎ ‎‏مدخلیـة شیء آخر ، لا أ نّـه قد لاحظ السریان والشمول ، فإنّـه حینئذٍ لایبقیٰ فرق‏‎ ‎‏بینـه وبین العموم أصلاً ، وهذا المورد أیضاً من الموارد التی وقع الخلط فیها بینهما ،‏‎ ‎‏فتأمّل ؛ لکی لا تخلط بینهما .‏

‎ ‎

‎[[page 287]]‎

  • )) الکافی 1 : 67 / 10 ، وسائل الشیعـة 27 : 136 ، کتاب القضاء ، أبواب صفات القاضی ، الباب 11 ، الحدیث 1 .
  • )) کامل الزیارات : 332 ، الباب 71 ، مصباح المتهجد : 716 .
  • )) فوائد الاُصول (تقریرات المحقّق النائینی) الکاظمی 1 : 536 ـ 539 .

انتهای پیام /*