حول جواز ا‏لتمسّک با‏لعامّ فی ا‏لشبهـة ا‏لمصداقیة

کد : 144336 | تاریخ : 02/12/1395

حول جواز التمسّک بالعامّ فی الشبهـة المصداقیّـة

‏ ‏

‏إذا عرفت ذلک ، فاعلم أ نّـه قد یقال بجواز التمسّک بالعامّ فی الشبهـة‏‎ ‎‏المصداقیـة للمخصّص .‏

‏وقد استدلّ لـه بوجوه أجودها ما ذکره فی الکفایـة من أنّ الخاصّ إنّما‏‎ ‎‏یزاحم العامّ فیما کان فعلاً حجّـة ، ومن المعلوم أ نّـه حجّـة بالنسبـة إلیٰ مَنْ علم‏‎ ‎‏أ نّـه من مصادیقـه ، وأمّا بالنسبـة إلی الفرد المشتبـه فلایکون حجّةً ، فلایعارض‏‎ ‎‏العامّ فیـه ، ولایزاحمـه ، فإنّـه یکون من قبیل مزاحمـة الحجّـة بغیر الحجّـة‏‎[1]‎‏ .‏

‏ولایخفیٰ فساده .‏

بیان ذلک‏ : أنّ مناط حجّیة الدلیل إنّما هوباجتماع هذه المراتب الثلاثـة فیه :‏

الاُولیٰ‏ : کونـه ظاهراً بحسب معناه اللغوی أو العرفی فی المعنی المقصود‏‎ ‎‏للمتکلّم .‏


‎[[page 280]]‎الثانیـة‏ : أصالـة الحقیقـة التی تقتضی کون الظاهر مراداً لـه .‏

الثالثـة‏ : أصالـة تطابق الإرادة الجدّیـة مع الإرادة الاستعمالیـة بمعنیٰ‏‎ ‎‏کون المتکلّم مریداً لمعناه الحقیقی جدّاً بحیث لایکون هازلاً ، ومع کون الدلیل‏‎ ‎‏فاقداً لشیء من هذه المراتب لایصحّ الاحتجاج بـه علی العبد ، کما هو واضح .‏

وحینئذٍ فنقول‏ : إنّ هنا دلیلین : أحدهما : قولـه : أکرم العلماء ، ثانیهما : قولـه :‏‎ ‎‏لا تکرم الفسّاق منهم ، فلو کان الدلیل منحصراً فی الأوّل ، لکانت المراتب الثلاثـة‏‎ ‎‏مجتمعةً فیـه ، وحاکمةً بوجوب إکرام جمیع العلماء جدّاً ، إلاّ أنّ جریانها فی الدلیل‏‎ ‎‏الثانی یقتضی کون الإرادة الجدّیـة متعلّقةً بالزجر عن إکرام الفسّاق من العلماء ،‏‎ ‎‏فیرفع الید بسببـه عن الأصل العقلائی الجاری فی الأوّل مع قطع النظر عن الثانی ،‏‎ ‎‏فیقتصر فی جریانـه علی المورد الخارج عن الدلیل المخصّص واقعاً ، فیظهر أنّ‏‎ ‎‏هنا إرادتین جدّیتین : إحداهما تعلّقت بوجوب إکرام العالم الغیر الفاسق الواقعی ،‏‎ ‎‏والاُخریٰ بالزجر عن إکرام الفاسق الواقعی ، فإذا شکّ فی فرد أ نّـه هل یکون‏‎ ‎‏عالماً فاسقاً أو غیر فاسق ؟ فمرجع الشکّ إلی أ نّـه هل یکون داخلاً فی المراد‏‎ ‎‏بالإرادة الجدّیـة الأوّلیـة أو داخلاً فی المراد بالإرادة الجدّیـة الثانویـة ؟ فکما‏‎ ‎‏أ نّـه لایجوز التمسّک بالخاصّ والرجوع إلیـه ـ کما هو المفروض ـ للشک فی‏‎ ‎‏تعلّق الإرادة بـه کذلک لایجوز التمسّک بالعامّ أیضاً ؛ للشکّ فی تعلّق الإرادة‏‎ ‎‏الجدّیـة بـه ؛ إذ لا فرق بینهما من هذه الجهـة ، ومجرّد کونـه داخلاً فی العموم‏‎ ‎‏بحسب الظاهر لایقتضی حجّیتـه بالنسبـة إلیـه بعدما عرفت من توقّفها علی تعلّق‏‎ ‎‏الإرادة الجدّیـة بـه أیضاً ، وهی مقصورة علی العالم الغیر الفاسق .‏

ومن هنا یعرف فساد ما ذکره‏ : من أنّ الخاصّ لایعارض العامّ ؛ لأنّـه من قبیل‏‎ ‎‏مزاحمـة الحجّـة بغیر الحجّـة ، فإنّک عرفت أنّ العامّ أیضاً لایکون حجّةً حتّیٰ‏‎ ‎‏یکون من ذاک القبیل ؛ لقصوره عن شمولـه بما هو حجّـة ؛ لأنّ حجّیتـه مقصورة‏
‎[[page 281]]‎‏علیٰ غیر مورد الخاصّ ، فعدم شمول العامّ لـه ؛ لقصور فیـه ، لا لمزاحمتـه‏‎ ‎‏بالخاصّ حتیٰ یستشکل علیـه بما ذکر .‏

‏وبالجملـة ، فبناء العقلاء لایکون علی العمل بالدلیل فیما إذا شکّ فی کونـه‏‎ ‎‏متعلّقاً للإرادة الجدّیـة ، ولذا لایعملون بالخاصّ فی الفرد المشتبـه ، ولابالعامّ فی‏‎ ‎‏الفرد الذی شکّ کونـه عالماً .‏

‏هذا هو غایـة ما یمکن أن یقال فی تقریب مراد الکفایـة .‏

‏هذا ، ولایرد نظیر هذا الکلام فی العامّ المخصّص بالمنفصل المردّد بین‏‎ ‎‏الأقلّ والأکثر بحسب المفهوم الذی قلنا بجواز الرجوع فی المورد المشکوک إلی‏‎ ‎‏العامّ ، وذلک لأنّ دلیل الخاصّ فاقد للمرتبـة الاُولی التی هی عبارة عن الظهور ؛‏‎ ‎‏لأنّ معناه اللغوی مردّد بینهما ، فحجّیتـه مقصورة علی القدر المتیقّن ، وهو مرتکب‏‎ ‎‏الکبیرة فی المثال ، فیرفع الید عن العامّ بالنسبـة إلیٰ خصوص المتّصف بهذه‏‎ ‎‏الصفـة ، ویبقیٰ حجّـة فی غیر مورده ، فلا إشکال فی جواز الرجوع إلیـه .‏

‏ثمّ إنّـه لایخفیٰ عدم الفرق فیما ذکرنا بین کون المخصّص لفظیاً أو لبیّاً ؛ إذ لا‏‎ ‎‏فرق بین أن یقول المولیٰ : لا تکرم الفسّاق من العلماء ، وبین أن یحکم العقل بذلک ؛‏‎ ‎‏إذ حکم العقل عبارة عن الکبریات الکلّیـة ، فالإرادة الجدّیـة أیضاً علیٰ طبقها ،‏‎ ‎‏فیجری الکلام المتقدّم بعینـه .‏

‏ ‏

‎ ‎

‎[[page 282]]‎

  • )) کفایـة الاُصول : 258 ـ 259 .

انتهای پیام /*