اعتبار قیمة یوم الأداء بناءً استقرار المثل والقیمة
وأمّا مقتضی قوله تعالی: (فَمَنِ اعْتَدی عَلَیْکُمْ...) ـ بناءً علی تسلیم دلالتها علی ما نحن فیه ـ فإن قلنا بأنّها غیر ناظرة إلی کیفیة العهدة وإثبات ما فی الذمّة، وإنّما هی متعرّضة لمقام الأداء فقط؛ وأنّه یجوز التعدّی بالمثل فی قبال تعدّیه، نظیر ما یتعرّض لوجوب أداء المثل فی المثلی، والقیمة فی القیمی من غیر نظر إلی کیفیة ما فی الذمّة، ففیه ما قلناه فی حدیث «علی الید...» علی فرض عهدة العین، لما عرفت من أنّ أداء المثل والقیمة إنّما هو أداء لنفسها، وتدارک لها، ویلزمه دفع ما هو مصداق لأدائها.
وکذا إن قلنا بأنّ مقتضی جواز التعدّی بالمثل، هو إثبات الحقّ له، واشتغال ذمّة الضامن بشی ء؛ علی ما قرّرناه سابقاً فی بیان الآیة، ولکن لا یثبت بذلک إلا جعل واحد؛ وهو عهدة نفس العین، وأنّ المثل والقیمة من مراتب أدائها.
وبالجملة: یکون مساقها ومقتضاها مساق حدیث «علی الید...» ومقتضاه، فالکلام فیها الکلام فیه.
وأمّا إن قلنا بأنّها فی مقام إثبات عهدة المثل فی المثلی، والقیمة فی القیمی، فلا إشکال فی أنّ المراد بالمثل، ما یماثلها فی جمیع الأوصاف الکمالیة التی کانت متّصفة بها حین وجودها تحت یده، لا ما یماثلها عند الغصب أو التلف فقط؛ لما تقرّر من ضمانها بجمیع ما له دخل فی القیمة، وإذا استقرّ هذا المثل فی العهدة واشتغلت الذمّة به، فلا تفرغ منه ولا تبرأ إلا بدفع ما هو أداء لها فعلاً؛
[[page 121]]وهو قیمة المثل عند الأداء، لا قیمة العین؛ لأنّ المفروض اشتغال الذمّة بالمثل، والبراءة منه تکون بما هو أداء له بعد تعذّر نفسه، فلا فرق بین القول بعهدة المثل وعهدة العین من هذه الجهة؛ أعنی اعتبار یوم الدفع والأداء.
ولا نقول بأعلی القیم؛ لما قرّرناه من عدم تضمینه ـ بارتفاع القیمة السوقیة ـ ما لا یرجع إلی جهة فی العین وأوصافها.
نعم، إن قیل: إنّ القیمة السوقیة أیضاً من الأوصاف التی یستقرّ ضمانها، فلا مناص من القول بأعلی القیم من زمان الغصب إلی زمان الأداء. هذا کلّه علی القول بعهدة العین أو المثل؛ وعدم الانقلاب إلی القیمة عند تعذّر المثل، وقد عرفت أنّ المیزان فیها هو قیمة یوم الدفع.
[[page 122]]