بیع الفضولی للمالک مع عدم سبق المنع
القسم الأوّل: ما إذا باع عن المالک مع عدم سبق المنع منه، وهذا هو المتیقّن من أقسام الفضولی للصحّة واستدلّ الشیخ له بالإجماعات المدّعاة فی المقام وأقوال القدماء.
والظاهر أنّ المسألة محلّ خلافٍ بین الأعلام ولیس فیها إجماع، کما أنّه قد ادّعی لبطلانه أیضاً.
والذی ینبغی الاستدلال به طائفتان من الأدلّة: أحدهما: العمومات
[[page 445]]والإطلاقات، والثانی: الأخبار الخاصّة الواردة فی المقام.
أمّا الطائفة الاُولی فطریق الاستدلال بها ما ذکرناه سابقاً من أنّ مقتضی الأدلّة لیس تنفیذ خصوص العقود الصادرة مباشرةً أو تسبیباً عن المالک؛ إذ لیس فیها ما یخصّ العقد به. وما ذکر من أنّ مفاد أوْفُوا بِالْعُقُودِ الوفاء بعقودکم لم نعرف له وجهاً؛ إذ لا موجب لتقدیر «کم» وتقیّده به، وإنّما المستفاد منه وجوب الوفاء بکلّ عقدٍ، لکن ینصرف عن العقد الأجنبیّ بالنسبة إلی المالک، والفضولی ما لم یجزه لم یکن مشمولاً له؛ لکونه أجنبیّاً عنه، وأمّا عند الإجازة یصیر مربوطاً به ومتعلّقاً به، فیشمله الدلیل.
وبالجملة: إذا کان الفضولی عقداً عقلائیاً لازم الوفاء عندهم مع قطع النظر عن الأدلّة فلا ینصرف عنه الأدلّة والإطلاقات، بل هی تشمل العقود کلّها، ولکنّه منصرف عمّا هو أجنبیّ عنه.
والشیخ أیضاً قد تمسّک بها بما ذکرناه، حیث قال: لا یعتبر وجود الرضا عند العقد فی صدق العقد علیه وإنّما المعتبر من الرضا فی ترتیب الآثار علیه ولا ترتّب علیه إلا بعد الإجازة، فعموم العقد والبیع شامل له، والمسلّم من خروجه منه العاری من الرضا والإجازة، وأمّا الواجد لها فلا موجب لخروجه عنه.
وقد یقال فی تقریب شمول الإطلاقات: بأنّ الأفعال علی ضربین: ضرب یکون من التکوینیات کالضرب والقتل وأمثال ذلک، وهی لا یقبل الاستناد إلی الفاعل إلا بالصدور منه تسبیباً أو مباشرةً، ولا یمکن الاستناد إلیه بالإجازة،
[[page 446]]وضرب یکون من الاعتباریات کالعقد الواقع من الوکیل أو النکاح الواقع بین الزوجین من غیرهما؛ فإنّه یصدق إسناد النکاح إلیهما والعقد إلی مالکه بالإجازة أو الوکالة وأمثاله وعلیه، فالمعنی الاعتباری الواقع بالعقد قابل للاستناد إلی المالک بإجازته وإمضائه للفعل التکوینی الصادر من الغیر؛ أعنی الإنشاء.
نقول: إن اُرید من الاستناد نحو الإضافة والتعلّق علی ما قدّمناه فهو علی العین والرأس ولا ننکره وأمّا لو اُرید من الاستناد صیرورة المعنی الاعتباری المنشأ بإنشاء الفضول؛ أعنی النقل الإنشائی مستنداً إلیه، بحیث یکون العقد بمعناه الاعتباری والإنشائی عقده، فلا نسلّم؛ لأنّه فعل الغیر وما ذکر من التمثیل بعقد النکاح فلیس یقال: إنّهما أوقعا الزوجیة بینهما، بل یقال: أوقع الوکیل أو الفضول الزوجیة بینهما.
وأمّا الطائفة الثانیة فهی الأخبار الخاصّة الواردة فی الموضوعات الخاصّة المستدلّ بها فی الفضولی.
[[page 447]]