المبحث الثانی: فی أقسام البیع بحسب الأسباب

حول إشکال تخصیص الأکثر

کد : 145186 | تاریخ : 12/12/1395

حول إشکال تخصیص الأکثر

بقی فی المقام‏ إشکال تخصیص الأکثر‏‎[1]‎‏.‏

‏لا یخفی: أنّ تخصیص الأکثر، إنّما یضرّ بالحجیة ویستلزم اللغویة حیث کان‏‎ ‎‏مستهجناً؛ بأن کان منافیاً لجعل القانون الکلّی، کإخراج مئة فرد من العامّ وإبقاء‏‎ ‎‏فردین تحته، وأمّا ما لا یستهجن فلا مانع منه، کإخراج ستّین منه، فهو مع کونه‏‎ ‎‏أکثر لا یضرّ.‏

‏وبعبارة اُخری: لیس کلّ تخصیص أکثر مستهجناً، بل ما یکون عندالعرف‏‎ ‎‏والعقلاء قبیحاً ومنافیاً لجعل القانون الکلّی، فالتخصیص فی الآیة ولو کان أکثر،‏‎ ‎‏لکنّه لیس بمستهجن.‏


‎[[page 134]]‎‏وحینئذٍ نقول: أمّا وجه الإشکال بناءً علی ما قدّمنا من تباین العهد والعقد‏‎[2]‎‏،‏‎ ‎‏فهو التخصیص بالعقود الجائزة والخیارات، لا سیّما خیار المجلس، کقوله ‏‏علیه السلام‏‏:‏‎ ‎«البیّعان بالخیار ما لم یفترقا»‎[3]‎‏ فإنّه یخرج جمیع العقود اللازمة عن الآیة.‏

‏وأمّا وجه الدفع، فهو أنّ خروج الخیارات لیس من باب التخصیص، بل من‏‎ ‎‏باب التقیید؛ لأنِ مفاد الآیة عموم أفرادی، وعموم أزمانی، فمعنی الآیة الوفاء بکلّ‏‎ ‎‏عقد، وإدامة الوفاء فی کلّ زمان، والعموم الأوّل یستفاد من الجمع المحلّی، وأمّا‏‎ ‎‏الثانی فلیس من جهة العموم الشمولی، بل من أجل مقدّمات الحکمة والإطلاق؛‏‎ ‎‏علی ما یأتی تفصیله‏‎[4]‎‏، فالخیارات مقیّدة لهذا الإطلاق، لا مخصّصة لعمومه.‏

‏وأمّا العقود الجائزة الشرعیة، فالآیة منصرفة عنها. سلّمنا، لکن أکثریة العقود‏‎ ‎‏الجائزة تکون بحسب الأنواع لا الأفراد، والعموم فی الآیة بحسب الأفراد‏‎ ‎‏الموجودة للعقد، لا أنواع العقد من البیع والإجارة والصلح وغیره، فوجوب‏‎ ‎‏الوفاء قد تعلّق بالعقود الموجودة فی الخارج، لا بالمفاهیم والماهیات، ولا شکّ‏‎ ‎‏فی أنّ الموجود فی الخارج من العقود اللازمة أکثر من الجائزة؛ إذ ما یدور علیه‏‎ ‎‏المجتمع الإنسانی هو البیع والإجارة والصلح.‏

والسرّ فی ذلک: ‏أنّ البیع وغیره من العقود کالإجارة والصلح والجعالة بالحمل‏‎ ‎‏الأوّلی ـ أی بمفهومه ـ لا یعقل فیها الوفاء؛ إذ المبادلة بمفهومها لا وفاء لها، ولا‏‎ ‎‏عدم الوفاء، وإنّما یتعلّق بأفراد مفاهیم هذه العقود بالحمل الشائع الصناعی.‏


‎[[page 135]]‎‏وأمّا بناءً علی مختار اللغویین فی معنی العقد ـ وهو العهد المؤکّد؛ أی اللازم ـ‏‎ ‎‏فلا یشمل العقود الجائزة والمستحبّات، بل یختصّ بالواجبات والمحرّمات من‏‎ ‎‏العهود والعقود اللازمة العقلائیة، فالخارج منها قلیل، کالربا، والمجهول.‏

‏وأمّا علی ما فی بعض الروایات ـ من أنّ معنی العقد مطلق العهد ـ فمناسبة‏‎ ‎‏الحکم والموضوع تقتضی انصرافه عن المستحبّات والعقود الجائزة؛ بمعنی‏‎ ‎‏خروجها الابتدائی من العهود قصداً.‏

‏هذا کلّه بناءً علی أنّ معنی الآیة اللزوم. وأمّا علی القول: بأ نّها للإرشاد إلی‏‎ ‎‏الصحّة، فلا یلزم شیء منها.‏

فنتیجة البحث: ‏أنّ المعاطاة عقد عرفاً، والآیة شاملة له؛ سواء کان مفادها‏‎ ‎‏اللزوم تکلیفاً، أو وضعاً، أو کانت إرشاداً إلی الصحّة.‏

‎ ‎

‎[[page 136]]‎

  • ـ ریاض المسائل 8 : 113 ـ 114 .
  • ـ تقدّم فی الصفحة 120 .
  • ـ الکافی 5: 170 / 6؛ تهذیب الأحکام 7: 20 / 85؛ الاستبصار 3: 72 / 240؛ وسائل الشیعة 18: 6، کتاب التجارة، أبواب الخیار، الباب 1، الحدیث 3.
  • ـ البیع، الإمام الخمینی 4: 540 ـ 543 .

انتهای پیام /*