المبحث الثانی: فی أقسام البیع بحسب الأسباب

الدلیل السابع: قوله صلی الله علیه و‏آله: «المؤمنون عند شروطهم»

کد : 145230 | تاریخ : 12/12/1395

الدلیل السابع: قوله صلی الله علیه و آله: «المؤمنون عند شروطهم»[1]

‏وقد سبقت فی بیانها مطالب‏‎[2]‎‏، وإنّما نذکر الآن ما یناسب المقام:‏

الأوّل:‏ قد مضی منّا أنّ «الشرط» بحسب اللغة لم یثبت شموله للشروط‏‎ ‎‏الابتدائیة‏‎[3]‎‏، ومع فرض شموله لها لم یعلم شموله لمثل البیع وأمثاله. ولکن مع‏‎ ‎‏ذلک کلّه فالظاهر العرفی من الجملة أنّ المؤمن قائم عند قراره وعهده، ویفی‏‎ ‎‏بقوله، ولیس الظاهر منه عرفاً القرار الضمنی فقط، بل مطلق القرار.‏

‏وإن شئت قلت: العرف تلغی الخصوصیة من القرار الضمنی، وتسریه إلی‏‎ ‎‏غیره. ولعلّ مناسبة الحکم وموضوعه أیضاً تقتضی ذلک؛ إذ المناسب إیفاء‏‎ ‎‏المؤمن بقراره وقوله مطلقاً، لا خصوص فرد خاصّ، وعلی هذا فالظاهر من‏‎ ‎‏الجملة عرفاً جمیع الشروط ضمنیةً کانت أو ابتدائیةً حتّی البیع وأمثاله.‏

الثانی:‏ قد ذکرنا أنّ فی الجملة ادّعاءَ أنّ الشرط له وجود خارجی یقوم‏‎ ‎‏عنده المؤمن، والجملة خبریة لا بداعی الإخبار؛ إذ یلزم منه الکذب، لعدم‏‎ ‎‏إیفاء المؤمنین کلّهم بالشروط، بل بداعی البعث؛ وذلک لأنّ مولویة الموالی‏‎ ‎‏قد تقتضی سدّ باب التخلّف عن أمره، وکأ نّه لم یرَ متخلّفاً عن أمره، فیجعل‏‎ ‎‏بعثه وأمره بصورة الإخبار عن وقوعه، إذ لا یری المکلّفین متخلّفین عنه،‏‎ ‎‏وعلی هذا فدلالته علی اللزوم والالتزام لا إشکال فیه، ومجرّد الرجحان‏‎ ‎
‎[[page 238]]‎‏والمحبوبیة لا یصحّح الإخبار کذلک، بل قد یستقبح عرفاً.‏

الثالث:‏ أنّ الوفاء والإقامة هنا عند الشرط یکون باعتبار العمل، لا نفس‏‎ ‎‏الشرط، کما قلنا فی ‏‏«‏أوْفُوا بِالْعُقُودِ‏»‏‎[4]‎‏ فإنّ معنی الإقامة عند القرار والوفاء به‏‎ ‎‏لیس صرف عدم حلّه، بل یتحقّق بالعمل به، خصوصاً بقرینة قوله فی بعض تلک‏‎ ‎‏الروایات: ‏«إلاّ شرطاً خالف کتاب اللّه تعالی»‎[5]‎‏ إذ المخالفة تکون من حیث‏‎ ‎‏العمل، ولیس وجوب العمل بالشرط إلاّ وأ نّه لا یقبل الانحلال.‏

وبعد‏ إتمام هذه المطالب فدلالة الحدیث علی لزوم المعاطاة تامّة؛ إذ هی‏‎ ‎‏قرار یلزم الإقامة عنده، بمعنی العمل به.‏

‏وبالجملة: مع قطع النظر عن الروایات المستدلّ فیها بالحدیث، یستفاد منه‏‎ ‎‏مطالب ثلاثة: اثنان منها مدلولان مطابقیان، وواحد منها مدلول التزامی: أمّا‏‎ ‎‏المطابقی فهما النفوذ ـ وهو الحکم الوضعی ـ والالتزام به؛ وهو التکلیفی، وأمّا‏‎ ‎‏الالتزامی فهو نفس اللزوم.‏

‏ویستفاد الأوّل من الاستعارة؛ إذ قد عرفت أنّ المصحّح لادّعاء أنّ الشرط‏‎ ‎‏موجود ممثّل یقوم عنده، هو صحّته عند الشارع، وإلاّ فلا وجه لهذا الادّعاء.‏

‏ویستفاد الثانی من الإخبار بداعی البعث؛ وأ نّه لا یری متخلّفاً عن أمره، وفی‏‎ ‎‏مقام سدّ باب الأعدام لمولویته؛ فإنّه لا یلائم غیر الالتزام والتکلیف.‏

‏ومن حیث إنّ الإلزام والإقامة عند الشرط معناه العمل بما یقتضیه ـ لا مجرّد‏‎ ‎‏إیقاعه من دون عمل،  کما مرّ نظیره فی الوفاء بالعقد ـ فمقتضاه لزوم الشرط؛ إذ‏‎ ‎
‎[[page 239]]‎‏لو لم یکن الشرط غیر قابل للحلّ والنقض فلا معنی لهذا الالتزام والتکلیف، فما‏‎ ‎‏کان أمره بیده من الحلّ والبقاء فلا یلزم علی العمل به دائماً. هذا بالنسبة إلی لفظ‏‎ ‎‏الحدیث.‏

وأمّا ‏مع المراجعة إلی الأخبار فیستفاد من بعضها مدلوله المطابقی وهو النفوذ‏‎ ‎‏والالتزام أعنی الحکم الوضعی والتکلیفی معاً، ومن بعضها مدلوله الالتزامی مع‏‎ ‎‏المطابقی وهو لزوم الشرط وعدم قابلیته للحلّ.‏

‎ ‎

‎[[page 240]]‎

  • ـ تهذیب الأحکام 7: 371 / 1503؛ الاستبصار 3: 232/835؛ وسائل الشیعة 21: 276، کتاب النکاح، أبواب المهور، الباب 20، الحدیث 4.
  • ـ تقدّم فی الصفحة 139 .
  • ـ تقدّم فی الصفحة 147 .
  • ـ المائدة (5): 1.
  • ـ تهذیب الأحکام 7: 22/93؛ الفقیه 3: 127/553؛ وسائل الشیعة 18: 16، کتاب  التجارة، أبواب الخیار، الباب 6، الحدیث 2.

انتهای پیام /*