الثانی: فی عدم اعتبار سبب خاصّ عند العقلاء
هل یعتبر فی تحقّق المعاملة عند العرف والعقلاء سبب خاصّ؛ بحیث لو تحقّق بغیر ما اعتبر عندهم فلا یعتبرونه، أو لیس کذلک، بل بکلِّ ما تحقّق؛ فما یکون بالحمل الشائع معاملةً فهو معاملة عقلائیة؟
[[page 291]]لا شکّ فی أنّ الغرض العقلائی نفس تحقّق المعاملة ولو بالإشارة، أو الفعل، أو اللفظ بأیّ نحو کان، فالمناط عندهم تحقّقها.
لا نقول: بأ نّها تتحقّق بأیّ سبب کان، بل مرادنا أ نّه علی فرض التحقّق لا یعتبر عندهم فیها سبب خاصّ. وأمّا بیان الأسباب المحقّقة لها وما هو معتبر فیها، فلسنا بصدده الآن.
الثالث: فی أنّ المدار فی ترتّب الأثر علی تحقّق المصداق الخارجی للمعاملة
لا إشکال فی أ نّه لو اُنشئ ما هو بالحمل الشائع عقد بلفظ «بعتُ» دون «عاقدتُ» فهو عقد عقلائی، وکذا ما هو بالحمل الشائع تجارة إن وقع بلفظ «العقد» أو «البیع» وکذا مایکون بیعاً بلفظ «ملّکت» فهو تجارة وعقد وبیع، ولا یتأمّل العقلاء فی أنّ الواقع لم ینشأ بما هو عنوان المعاملة بالحمل الأوّلی.
بل الفقهاء بما هم عقلاء، لا یختلج ببالهم اعتبار وقوع ما یکون بالحمل الشائع عقداً فی الخارج بلفظ «عاقدتُ» أو تجارة بلفظ «اتّجرت» وغیر ذلک؛ بحیث کان المعتبر إنشاء المعاملة بما هی عقد وتجارة بالحمل الأوّلی، أعنی لفظ «عاقدت» و«اتّجرت» وأمّا لو وقع بغیره ـ مثل «البیع» أو «التملیک» ـ فلم یقع تجارةً، وهکذا. ولذا تراهم یتمسّکون بعموم «أوْفُوا بِالْعُقُودِ» فی کلّ ما یکون عقداً عندهم وإن لم یقع بما هو عقد بالحمل الأوّلی؛ وذلک لأنّ الإطلاقات والعمومات، منزّلة علی المصادیق الخارجیة من البیع والعقد ممّا هو متعارف ومعهود عند العقلاء، ولیس موضوعها ما یقع بنفس هذه العناوین.
وعلی هذا فکلّ ما یتحقّق عند العرف والعقلاء من عناوین المعاملات ـ أعنی ما یکون بالحمل الشائع عنواناً فی عالم الاعتبار والخارج؛ وبأیّ سبب تحقّق ـ
[[page 292]]یکون مشمولاً للعمومات والإطلاقات، فالملاک تحقّق المصداق الخارجی من عنوان «البیع» و«العقد» و«التجارة» مثلاً؛ وأ نّه بأیّ سبب یتحقّق، ولا یعتبر فی السبب اشتماله علی عنوان «المعاملة» أی ما بالحمل الأوّلی معاملة.
[[page 293]]