القسم الثانی: البیع بالصیغة

حول استدلال الشهید علی اعتبار الموالاة

کد : 145272 | تاریخ : 13/12/1395

حول استدلال الشهید علی اعتبار الموالاة

‏والمهمّ ما ذهب إلیه الشهید ‏‏رحمه الله‏‎[1]‎‏ وأوضحه الشیخ ‏‏قدس سره‏‏: «من أنّ المسألة عرفیة‏‎ ‎‏عقلائیة، وأنّ الأمر المتدرّج الحصول شیئاً فشیئاً، إذا کانت له صورة اتصالیة فی‏‎ ‎‏العرف، فلابدّ فی ترتّب الحکم المعلّق علیه فی الشرع؛ من اعتبار صورته‏‎ ‎‏الاتّصالیة، فالعقد المرکّب من الإیجاب والقبول القائم بنفس المتعاقدین، بمنزلة‏‎ ‎‏کلام واحد مرتبط بعضه ببعض، فیقدح تخلّل الفصل المخلّ بهیئته الاتّصالیة،‏‎ ‎‏ولذا لا تصدق «المعاقدة» إذا کان الفصل طویلاً، کسنة، وسنتین، أو أزید.‏‎ ‎‏وانضباطه علی العرف؛ ففی کلّ مورد بحسبه، فیجوز الفصل بین کلّ واحد من‏‎ ‎‏الإیجاب والقبول، بما لا یجوز بین کلمات کلّ واحد منهما، ویجوز بین الکلمات‏‎ ‎‏بما لا یجوز بین الحروف، کما فی الأذان والقراءة.‏

‏وما ذکره حسن لوکان حکم الملک واللزوم فی المعاملة، دائراً مدار صدق‏‎ ‎‏«العقد» عرفاً، کما هو قضیة آیة الوفاء، وأمّا لوکان منوطاً بصدق «البیع»‏‎ ‎
‎[[page 317]]‎‏و«التجارة عن تراضٍ» فلا یضرّه عدم صدق العقد»‏‎[2]‎‏، انتهی.‏

أقول:‏ البحث هنا یقع من جهتین:‏

‏اُولاهما: أنّ العقد هل یکون من مقولة الألفاظ؛ بحیث کان مثل القراءة‏‎ ‎‏والأذان حتّی اعتبرت فیه صورة اتّصالیة عرفاً، أم لا؟‏

‏وثانیتهما: أ نّه علی فرض کونه من مقولة المعنی، هل یعتبر فی أسبابه‏‎ ‎‏الإنشائیة الموالاة، أم لا؟‏

أمّا الجهة الاُولی:‏ فلا إشکال فی أ نّه لیس من مقولة الألفاظ عند العرف‏‎ ‎‏والعقلاء، فلیس هو شدّ الألفاظ، بل هو نفس المعاهدة والقرار، ولذا یقع‏‎ ‎‏بغیر لفظ.‏

‏وقوله تعالی: ‏‏«‏أوْ یَعْفُوَ الَّذِی بِیَدِهِ عُقْدَةُ النِّکَاحِ‏»‏‎[3]‎‏ لیس المراد منه ألفاظه؛‏‎ ‎‏لعدم عقدة لفظیة بعد مضیّ زمان وقوعه، بل هو أمر اعتباری عقلائی؛ أعنی‏‎ ‎‏معاهدة الزوجیة، فأمرها بید الولیّ، وإلاّ فلیس اللفظ المعدوم شیئاً؛ حتّی یکون‏‎ ‎‏له صاحب أمر وید.‏

وأمّا الثانیة:‏ فلا ریب فی أنّ العقلاء، کثیراً ما یتعاملون بالکتب مع تخلّل‏‎ ‎‏الفصل الطویل، فیکتب أحدهما القرار المعاملی، ویمهل الآخر إلی حین، وقد‏‎ ‎‏یمضیه وینفذه بعد فصل طویل من الزمان. وکذا المعاملات المعاطاتیة؛ تقع کثیراً‏‎ ‎‏ما بلا مراعاة الموالاة، فیعطی الثمن، ویأخذ المثمن بعد ساعة أو ساعات.‏

‏ولا فرق بین اللفظی، والکتبی، والمعاطاتی منها، فإذا قال الموجب: «بعت‏‎ ‎‏هذا بهذا» وبعثه إلی قبوله، وطلب المشتری مهلةً منه لینظر فیه من حیث النفع‏‎ ‎
‎[[page 318]]‎‏والضرر، فمضت ساعة، ثمّ قال: «قبلت» فلا ریب فی صحّته عند العقلاء؛ وعدم‏‎ ‎‏اعتبار إیجاب آخر فیه.‏

نعم،‏ یعتبر عدم انصراف الموجب عنه، وعدم بلوغ الفصل إلی حدّ ینسی‏‎ ‎‏الإیجاب، أو یغفل عنه، فالمناط عند العرف بقاء المعاهدة والقرار المعاملی.‏

‏ولیس هو من قبیل القراءة والأذان، فإنّهما من مقولة الألفاظ والأصوات،‏‎ ‎‏فالمعتبر بقاء هیئتها الاتّصالیة العرفیة، وأمّا العقد فهو من مقولة المعنی، بمعنی‏‎ ‎‏المعاهدة، ولا یخلّ به ما یخلّ باللفظ.‏

‎ ‎

‎[[page 319]]‎

  • ـ القواعد والفوائد 1: 234.
  • ـ المکاسب، ضمن تراث الشیخ الأعظم 16: 158 ـ 159.
  • ـ البقرة (2): 237.

انتهای پیام /*