القسم الثانی: البیع بالصیغة

اعتبار أهلیة المتعاقدین

کد : 145278 | تاریخ : 13/12/1395

اعتبار أهلیة المتعاقدین

‏و من الشروط المذکورة قابلیة کلّ من المتعاقدین ـ فی حال إنشاء الآخر ـ‏‎ ‎‏للإنشاء؛ من حیث الشروط المعتبرة فی المتعاقدین.‏

وقد فصّل‏ بعضهم بین ما یخلّ عدمه بحصول أصل المعاقدة والمعاهدة؛ ممّا لا‏‎ ‎‏یصحّ معه التخاطب، مثل الجنون، والموت، والإغماء، والنوم، وأمثال ذلک ممّا لا‏‎ ‎‏یمکن الخطاب معه، فإنّ المجنون والمغمی علیه وأشباههما، لایمکن أن یصیروا‏‎ ‎‏مورد التخاطب والمعاهدة نظیر الجماد، وبین ما لا یخلّ عدمه بذلک، مثل السفه،‏‎ ‎‏والإفلاس، والصغر، وعدم الرضا، ونحو ذلک، فإنّها ممّا یصحّ معها المعاهدة‏‎ ‎‏والخطاب‏‎[1]‎‏.‏

أقول:‏ هنا صورتان: ‏

‏اُولاهما: اتّصاف القابل بأحد الأوصاف المذکورة حین الإیجاب، والإفاقة‏‎ ‎‏منها حین قبوله.‏

‏وثانیتهما: صورة اتّصاف الموجب بها بعد إیجابه.‏

أمّا الصورة الاُولی،‏ فلا یخفی، أنّ حقیقة المعاملة، لیست إلاّ مبادلة المالین‏‎ ‎
‎[[page 327]]‎‏والمعاوضة بینهما، ولیس فیها تخاطب وتعاهد یکون قوامها به، وقد عرفت أنّ‏‎ ‎‏تمام حقیقة المعاملة ـ أی المبادلة ـ هی فعل البائع، ولیس وزان القبول إلاّ وزان‏‎ ‎‏الرضا والإجازة لفعله، فإذن لا مانع من تحقّق المبادلة فیما إذا لم یکن المشتری‏‎ ‎‏أهلاً حین الإیجاب، ثمّ صار أهلاً بعد الإیجاب حین القبول؛ فإنّ حقیقة المعاملة‏‎ ‎‏ـ وهی فعل البائع ـ لا تتوقّف علی أهلیة المشتری، وما یتوقّف علیه ـ وهو‏‎ ‎‏القبول ـ کان فی زمن أهلیته، نظیر الفضولی، فإنّه لو فرض وقوع المعاملة من‏‎ ‎‏الفضولی فی حال جنون الأصیل أو إغمائه، فأفاق منه وأجازه، فلا إشکال فی‏‎ ‎‏صحّته، وقد فرضنا أنّ وزان القبول هو وزان الإجازة، بل هو عینها، ولیس إیقاعاً‏‎ ‎‏وإیجاداً فی مقابل إیقاع البائع حتّی یعتبر فیه صحّة التخاطب والتعاهد مع الطرف‏‎ ‎‏الآخر، فیصحّ هنا، مثل ما فی الفضولی.‏

وأمّا الصورة الثانیة‏ ـ وهی ما إذا صار البائع متّصفاً بأحد هذه الأوصاف بعد‏‎ ‎‏إنشائه وإیجابه ـ فقد یقال هنا: إنّ الإیجاب یصیر منسیّاً بعد عروض هذه‏‎ ‎‏الأوصاف؛ بحیث لا یکون له أهلیة التعقّب بالقبول‏‎[2]‎‏.‏

ولکن‏ یمکن أن یقال: إنّ حقیقة المعاملة نفس المبادلة بین المالین، وقد‏‎ ‎‏أوجدها البائع فی مقام الإیجاد والإنشاء الاعتباری؛ وإن لم تصر موضوع اعتبار‏‎ ‎‏العقلاء إلاّ بعد القبول، فعروض هذه الأوصاف بعدها، لا یضرّ بأصل حقیقة‏‎ ‎‏المعاملة من جهة الإیجاد والإنشاء.‏

‏نعم، یعتبر بقاء الموجب علی التزامه ورضاه إلی إتمام المعاملة؛ بأن صار‏‎ ‎‏موضوعاً لاعتبار العقلاء، ففی مثل عدم الرضا بعد الإیجاب لا یصحّ؛ لخلوّه من‏‎ ‎‏الرضا المعتبر بقاؤه إلی إتمام العقد.‏


‎[[page 328]]‎‏وأمّا مثل الموت فیعتبر رضا الورّاث؛ لأنّ المال ینتقل إلی الوارث، فهو مالکه‏‎ ‎‏فعلاً؛ إذ الفرض عدم تحقّق النقل إلی المشتری فی عالم الاعتبار، فینتقل بالموت‏‎ ‎‏المال الذی قد وقع علیه البیع إلی الوارث، فإن کان راضیاً بما وقع علیه فیتمّ‏‎ ‎‏بالقبول من المشتری، وإلاّ فلا، فالوارث یقوم مقام المورّث فی ذلک، نظیر‏‎ ‎‏الفضولی أیضاً فیما إذا مات الأصیل قبل الإجازة. وهکذا فی الجنون الطارئ‏‎ ‎‏علی البائع بعد الإیجاب؛ إن لم یصر منسیّاً مغفولاً عنه، فیقوم الولیّ مقامه.‏

‏وأمّا النوم والإغماء، فمن جهة أنّ الرضا والالتزام بالإیجاب کان محفوظاً فی‏‎ ‎‏خزانة نفسه من غیر تغیّر، فلا إشکال فیه، فیتمّ بالقبول.‏

‎ ‎

‎[[page 329]]‎

  • ـ حاشیة المکاسب، المحقّق الأصفهانی 1: 291 ـ 292.
  • ـ اُنظر غایة الآمال 4: 314.

انتهای پیام /*