المقام الثانی فی مقتضی الأخبار الواردة فی هذا الباب
وأنّه هل هو وجوب الأخذ بذی المزیّة أم لا ، وأنّ المزیّة المرجّحة ماذا ؟
فنقـول : قـد یقـال بعـدم وجـوب الترجیـح بـالمـرجّحـات المنصوصـة ولا بغیرها نظـراً إلی أنّ ظاهـر الأخبار الـواردة فیـه وإن کان هـو الوجـوب ، إلاّ
[[page 403]]أنّ مقتضی الجمع بینها وبین أخبار التخیـیر مطلقاً هو حملها علی الاستحباب ، لاستلزام إبقائـه علی ظاهره وتقیـید أخبار التخیـیر بصورة عدم ثبوت شیء من المرجّحات حمل أخبار التخیـیر علی الفرد النادر وإخراج أکثر الأفراد منها ، وهـو قبیح ، أو إلی أنّ اختلاف الأخبار الواردة فی الترجیح فی المرجّحات من حیث اشتمال کلّ منها علی بعض ممّا لم یشتمل علیـه الآخر أو من حیث الاختلاف فی الترتیب بین المرجّحات دلیل علی عدم وجـوب الترجیح ، کاختلاف الأخبـار الواردة فـی البئـر ومنزوحاتـه حیث استکشف منـه الاستحباب ، نظراً إلی أنّ الاختلاف خصوصاً مع کثرتـه لا یجتمع مع الحکم الإیجابی ، بل هـو دلیل علی أصل الرجحان ، والاختلاف محمول علی مراتبـه مـن الشدّة والضعف .
ونحن نقول : لابدّ من ملاحظـة أخبار الترجیح والتکلّم فی مفادها حتّی یظهر أنّ المرجّح لإحدی الروایتین علی ما هو المجعول شرعاً المدلول علیـه الأخبار لیس إلاّ واحداً أو اثنین .
وتقیـید أخبار التخیـیر بـه لا یوجب إخراج أکثر الأفراد ، ولا مانع منـه أصلاً ، خصوصاً بعدما عرفت من أنّـه لیس فی الروایات التی ادّعی کونها دلیلاً علی التخیـیر إلاّ روایـة واحدة دالّـة علیـه ، وقد تقدّمت ، وغیرها قاصر من حیث الدلالـة جدّاً .
[[page 404]]