مقتضی الأصل بناءً علی السببیّة
وأمّـا بناءً علی السببیـة فتارة یقال : بکون الـدلیل هـو العقل ، واُخـری : بأنّـه هو النقل .
فعلی الأوّل قد یقال بخلوّ الواقع عن الأحکام وأنّها تابعـة لقیام الأمارة ، وبدونها لا حکم ولا تکلیف ، وقد یقال بثبوت الأحکام الواقعیّـة المشترکـة بین العالم والجاهل ، کما انعقد علیـه الإجماع وتواتر بـه الأخبار .
[[page 384]]فعلی الأوّل تارةً یقال : بأنّ قیام الأمارة علی تعلّق الحکم بشیء یوجب أن یکون ذلک الشیء محکوماً بذلک الحکم بعنوانـه ، واُخری : بأنّ قیام الأمارة علیـه یوجب أن یکون متعلّق الحکم هو مؤدّی الأمارة بما أنّـه مؤدّاها .
فعلی الأوّل یکون مرجع قیام الأمارة علی وجوب صلاة الجمعـة وأمارة اُخری علی حرمتها ، إلی اشتمال صلاة الجمعـة علی المصلحـة الملزمـة والمفسدة کذلک . ومن المعلوم ارتفاع ذلک ، فاللازم حینئذٍ الالتزام بتساقط الخبرین بعد عدم وجود مرجّح فی البین .
وعلی الثانی الذی مرجعـه إلی أنّ قیام الأمارة یوجب أن یکون متعلّق الحکم هو المؤدّی لـه بوصف أنّـه المؤدّی لـه یکون مرجع الأمارتین والخبرین إلی اشتمال مؤدّی خبر زرارة ـ مثلاً ـ علی المصلحـة بما أنّـه مؤدّی لـه ، وکذا مؤدّی خبر محمّد بن مسلم ، فإن قلنا بتغایر هذین العنوانین وکفایتـه فی تعدّد الحکم فلا معارضـة بین الخبرین حینئذٍ ، بل یصیر کعنوانی الصلاة والتصرّف فی مال الغیر ، کما لایخفی .
وإلاّ یلزم التعارض والتساقط ، هذا بناءً علی خلوّ الواقع عن الحکم المشترک بین العالم والجاهل .
وأمّا بناءً علی ثبوت ذلک فلابدّ أن تکون الأمارة المخالفـة مشتملـة علی مصلحـة غیر ناقصة عـن مصلحـة الواقـع ، وحینئذٍ فحیث لا یکون المخالف المشتمل علی المصلحـة غیر معلوم فاللازم أن یقال بالتخیـیر ، لأجل عـدم وجـود المرجّح .
[[page 385]]