المرجع فی تعیین المیسور
ثـمّ إنّ المرجـع فـی تعیـین المیسور هل هـو العرف أو الشرع ؟ وجهـان مبنیّان علی أنّ المراد مـن قولـه علیه السلام : « المیسور لا یسقط بالمعسور » ، هل هـو أنّ الـمیسور مـن المصلحـة الکائنـة فـی الطبیعـة المأمـور بهـا لا یسقـط بالمعسـور منها ، أو أنّ المراد أنّ المیسور من نفس الطبیعـة المأمور بها لا یسقط بالمعسور منها ؟
فعلی الأوّل یکون المرجع هو الشرع ، لعدم اطّلاع العرف علی قیام الباقی المقدور ببعض المصلحـة ، لاحتمالـه أن تکون المصلحـة متقوّمـة بالمجموع ، وعلی الثانی یکون المرجع هو العرف ، کما هو واضح . وهذا هو الظاهر .
وحینئذٍ فکلّ مورد حکم العرف فیـه بأنّ الباقی فی المقدور میسور للطبیعـة المأمور بها یحکم فیـه بلزوم الإتیان بـه .
[[page 295]]ودعـوی : أنّ ذلک مستلزم لتخصیصٍ کثیـر ، بل الخـارج منـه أکثـر مـن الباقی بمراتب .
مدفوعـة : بمنع استلزامـه لتخصیص الأکثر ، کیف وقد حکموا بـه فی مثل الصلاة والوضوء والحجّ ونظائرها ، وکثیر من الموارد التی لم یجروا فیها القاعدة فإنّما هو لخروجها عنها موضوعاً کالصوم مثلاً ، فإنّ عدم حکمهم بوجوب الصوم علی من قدر علی الصیام بمقدار لا یبلغ مجموع النهار ـ مثلاً ـ إنّما هو لکون الصوم أمراً بسیطاً لا یکون لـه أجزاء ، ومورد القاعدة إنّما هو المرکّبات ، کما هو واضح ، هذا .
ولکنّ الخطب سهل بعدما عرفت من ضعف أسناد الروایات الثلاث التی هی مدرک للقاعدة وعرفت أیضاً أنّـه لا جابر لضعفها ، فتدبّر .
[[page 296]]