بیان ا‏لمحقّق ا‏لنائینی فی ضابط ا‏لشبهة ا‏لغیر ا‏لمحصورة

کد : 145502 | تاریخ : 16/12/1394

بیان المحقّق النائینی فی ضابط الشبهة الغیر المحصورة

‏ ‏

‏ثمّ إنّ المحقّق النائینی ‏‏قدس سره‏‏ أفاد فی بیان ضابط الشبهـة الغیر المحصورة ما‏‎ ‎‏ملخّصـه : إنّ ضابط الشبهـة الغیر المحصورة هو أن تبلغ أطراف الشبهـة حدّاً لا‏‎ ‎‏یمکن عادةً جمعها فی الاستعمال من أکل أو شرب أو نحوهما لأجل الکثرة . فلابدّ‏‎ ‎‏فی الشبهـة الغیر المحصورة من اجتماع کلا الأمرین : کثرة العدد ، وعدم التمکّن‏‎ ‎


‎[[page 139]]‎‏من جمعـه فی الاستعمال ، فالعلم بنجاسـة حبّـة من الحنطـة فی ضمن حقّـة منها لا‏‎ ‎‏یکون من قبیل الشبهـة الغیر المحصورة ، لإمکان استعمال الحقّـة من الحنطـة‏‎ ‎‏بطحن وخبز وأکل ، مع أنّ نسبـة الحبّـة إلی الحقّـة تزید عن نسبـة الواحد إلی‏‎ ‎‏الألف ، کما أنّ مجرّد عدم التمکّن العادی من جمع الأطراف فی الاستعمال فقط لا‏‎ ‎‏یوجب أن تکون الشبهـة غیر محصورة ، إذ ربّما لا یتمکّن عادة من ذلک مع کون‏‎ ‎‏الشبهـة فیـه أیضاً محصورة ، کما لو کان بعض الأطراف فی أقصی بلاد المغرب ،‏‎ ‎‏فلابدّ فیها من اجتماع کلا الأمرین .‏

‏ومنـه یظهر عدم حرمـة المخالفـة القطعیّـة ؛ لأنّ المفروض عدم التمکّن‏‎ ‎‏العادی منها ، وکذا عدم وجوب الموافقـة القطعیـة ؛ لأنّ وجوبها فرع حرمـة‏‎ ‎‏المخالفـة القطعیّـة ، لأنّ الوجوب یتوقّف علی تعارض الاُصول فی الأطراف ،‏‎ ‎‏وتعارضها یتوقّف علی حرمـة المخالفـة القطعیـة ، لیلزم من جریانها مخالفـة‏‎ ‎‏عملیـة للتکلیف المعلوم فی البین ، فإذا لم تحرم ـ کما هو المفروض ـ لم یقع‏‎ ‎‏التعارض ، ومع عدمـه لایجب الموافقـة القطعیـة‏‎[1]‎‏ ، انتهی .‏

وفیـه وجوه من النظر‏ :‏

الأوّل‏ : أنّ المراد بالتمکّن العادی من الجمع فی الاستعمال إن کان هو‏‎ ‎‏الإمکان دفعةً ؛ أی فی أکل واحد أو شرب واحد أو لبس کذلک وهکذا ، فهذا یوجب‏‎ ‎‏دخول أکثر الشبهات المحصورة فی هذا الضابط ، لأنّ کثیراً منها ممّا لا یمکن عادةً‏‎ ‎‏جمعها فی استعمال واحد ، لأجل کثرة أطرافـه المحصورة . وإن کان المراد هو‏‎ ‎‏الإمکان ولو تدریجاً بحسب مرور الأ یّام والشهور والسنین فلازمـه خروج أکثر‏‎ ‎


‎[[page 140]]‎‏الشبهات الغیر المحصورة ؛ لإمکان جمعها فی الاستعمال تدریجاً ، کما هو واضح .‏

الثانی‏ : أنّک عرفت فیما تقدّم مراراً أنّ التکالیف الفعلیـة ثابتـة بالنسبـة‏‎ ‎‏إلی جمیع المخاطبین ، ولا تکون مشروطـة بالعلم والقدرة ونظائرهما ، غایـة‏‎ ‎‏الأمر أنّ الجاهل والعاجز معذوران فی المخالفـة ؛ لأنّ الملاک فی حسن الخطاب‏‎ ‎‏بنحو العموم واستهجانـه غیر ما هو المناط فیهما بالنسبـة إلی الخطاب الشخصی ،‏‎ ‎‏فلو لم یکن الشخص قادراً علی ترک المنهی عنـه یکون معذوراً ، کما أنّـه لو لم‏‎ ‎‏یکن قادراً علی إتیان المأمور بـه یکون کذلک . فالموجب للمعذوریّـة إنّما هو عدم‏‎ ‎‏القدرة علی الترک فی الأوّل ، وعلی الفعل فی الثانی لتحقّق المخالفـة ، وأمّا لو لم‏‎ ‎‏یکن قادراً علی الفعل فی الأوّل وعلی الترک فی الثانی فلا معنی للعذر هنا ، لعدم‏‎ ‎‏حصول المخالفـة منـه أصلاً ، کما لایخفی .‏

‏وحینئذٍ : فما أفاده من أنّ عدم التمکّن العادی من المخالفـة القطعیـة یوجب‏‎ ‎‏أن لا تکون محرّمـة ، ممنوع ؛ لأنّ عدم التمکّن لا یوجب تحقّق المنهی عنـه حتّی‏‎ ‎‏یرتفع حکمـه أو یصیر معذوراً ، فتدبّر .‏

الثالث‏ : أنّـه لو سلّم ما ذکر فنقول : إنّ ما تعلّق بـه التکلیف التحریمی هو‏‎ ‎‏الخمر الموجود فی البین ، فلابدّ من ملاحظـة عدم التمکّن بالنسبـة إلیـه ، وأمّا‏‎ ‎‏الجمع بین الأطراف الذی هو عبارة اُخری عن المخالفـة القطعیّـة فلا یکون‏‎ ‎‏مورداً لتعلّق التکلیف حتّی یکون عدم التمکّن العادی من المکلّف بـه موجباً لرفع‏‎ ‎‏التکلیف المتعلّق بـه .‏

‏وبالجملـة : ما هو مورد لتعلّق التکلیف ـ وهو الخمر الموجود بین الأطراف‏‎ ‎‏المتکثّرة ـ یکون متمکّناً من استعمالـه فی نفسـه ؛ لأنّـه لا یکون إلاّ فی إناء واحد‏‎ ‎‏مثلاً ، وما لا یتمکّن من استعمالـه ـ وهو الجمع بین الأطراف ـ لا یکون متعلّقاً‏‎ ‎


‎[[page 141]]‎‏لحکم تحریمی أصلاً . نعم یحکم العقل بلزوم ترکـه فی أطراف الشبهـة المحصورة‏‎ ‎‏أو غیرها أیضاً بناءً علی بعض الوجوه ، کما عرفت .‏

‏ ‏

‎ ‎

‎[[page 142]]‎

  • )) فوائد الاُصول ( تقریرات المحقّق النائینی ) الکاظمی 4 : 117 ـ 119 .

انتهای پیام /*