مقا‏لة ا‏لشیخ فی وجه عدم جریان ا‏لاُصول فی أطراف ا‏لعلم ا‏لإجما‏لی

کد : 145515 | تاریخ : 16/12/1394

مقالة الشیخ فی وجه عدم جریان الاُصول فی أطراف العلم الإجمالی

‏ ‏

‏وقد اختلفت کلمات الشیخ ‏‏قدس سره‏‏ فی وجـه عدم جریان الاُصول فی أطراف‏‎ ‎‏العلم الإجمالی ، فظاهر کلامـه فی مبحث الاشتغال‏‎[1]‎‏ وصریحـه فی أواخر‏‎ ‎‏الاستصحاب‏‎[2]‎‏ أنّ المانع من جریان الاُصول هو لزوم التناقض من جریانها علی‏‎ ‎‏فرض الشمول ، لأنّ قولـه : « ‏لا تنقض الیقین بالشکّ ولکن تنقضـه بیقین آخر‏ ‏»‎ ‎‏ـ مثلاً یدلّ علی حرمـة النقض بالشکّ ووجوب النقض بالیقین ، فإذا فرض‏‎ ‎‏الیقین بارتفاع الحالـة السابقـة فی أحد المستصحبین فلا یجوز إبقاء کلّ منهما‏‎ ‎‏تحت عموم حرمـة النقض بالشکِّ، لأنّـه مستلزم لطرح الحکم بنقض الیقین‏‎ ‎‏بمثلـه ، فالمانع عنده حینئذٍ هوجهـة الإثبات وعدم شمول الأدلّـة ، ولکنّ الذی‏‎ ‎‏یظهر من کلامـه فی بحث القطع‏‎[3]‎‏ .‏

‏وفی بعض المواضع الاُخر أنّ المانع هو لزوم المخالفـة العملیّـة ، وحینئذٍ‏‎ ‎


‎[[page 92]]‎‏فالمانع هو عدم إمکان الجعل ثبوتاً .‏

‏وکیف کان : فلو کان المانع عنده هـو جهـة الإثبات وقصور الأدلّـة عـن‏‎ ‎‏الشمول یرد علیـه : أنّ المراد بالیقین المأخوذ فی قولـه : « ‏لا تنقض الیقین‎ ‎بالشکِّ.‏ . . ‏» ‏هـل هـو الیقین الوجدانی أو الحجّـة المعتبـرة ، یقینیّـاً کانت أو غیره ؟‏

‏فعلی الأوّل نقول : إنّ الحکم بحرمـة نقض الیقین الواجـدانی بالشکّ‏‎ ‎‏وإن کان قابلاً للجعل ، إلاّ أنّ الحکم بوجوب نقض الیقین بیقین آخـر مثلـه‏‎ ‎‏لا یکون قابلاً للجعل بعد کون حجّیـة القطع غیر قابلـة للإثبات ولا للنفی کما تقدّم‏‎ ‎‏فی مبحث القطـع . فقولـه : « ولکـن تنقضـه بیقین آخـر » لا یکون بصدد جعل‏‎ ‎‏حکم آخـر حتّی یتحقّق التناقض بینـه وبین الحکم الأوّل علی تقدیر جریانـه‏‎ ‎‏فـی أطراف العلم الإجمالی ، بل بصدد التحدیـد للحکم المجعول أوّلاً ، وأنّ‏‎ ‎‏حرمـة النقض بالشکّ تکون ثابتـة إلی أن یجیء یقین آخر ، فظهر أنّـه بناءً علی‏‎ ‎‏هـذا الاحتمال لا تکون الروایـة مشتملـة علـی حکمین حتّی یتحقّق مـورد‏‎ ‎‏التناقض وعدمـه .‏

‏ومن هنا ظهر : أنّـه بناءً علی الاحتمال الثانی أیضاً لا تکون الروایـة کذلک ؛‏‎ ‎‏لأنّ الحکم بوجوب نقض الحجّـة المعتبرة غیر القطع بحجّـة اُخری وإن کان قابلاً‏‎ ‎‏للجعل والتشریع ، إلاّ أنّـه باعتبار کون القطع أیضاً من أفراد الحجّـة المعتبرة‏‎ ‎‏لا یمکن هذا التشریع ، وجعل الحکم بالنسبـة إلی بعض أفراد الحجّـة وبیان‏‎ ‎‏التحدید بالنسبـة إلی بعضها الآخر ممّا لا یکون لهما جامع حتّی یمکن فی‏‎ ‎‏استعمال واحد ، کما هو واضح .‏

‏هذا کلّـه مضافاً إلی أنّـه لو سلّم جمیع ذلک نقول : ظاهر سیاق الروایـة أنّ‏‎ ‎


‎[[page 93]]‎‏المراد بالیقین فی قولـه : « ولکن تنقضـه بیقین آخر » هو الیقین بما تعلّق بـه الیقین‏‎ ‎‏والشکّ فی قولـه : « ولا تنقض الیقین بالشکِّ» لا الیقین بأمر آخر ، ضرورة عدم‏‎ ‎‏وجوب النقض بالیقین المتعلّق بشیء آخر ، کما هو واضح .‏

‏وحینئذٍ نقول : إنّ فی موارد العلم الإجمالی لا یکون العلم الإجمالی متعلّقاً‏‎ ‎‏بنفس ما تعلّق بـه الیقین السابق ، فلا یجب نقضـه بـه .‏

‏ألا تری أنّـه لو علم إجمالاً بنجاسـة أحد الإنائین اللذین علم بطهارتهما‏‎ ‎‏سابقاً لا یکون العلم الإجمالی متعلّقاً بنفس مـا تعلّق بـه الیقین السابق ، ضرورة‏‎ ‎‏أنّ الیقین السابق إنّما تعلّق بطهارة هذا الإناء بالخصوص وبطهارة ذاک الإناء‏‎ ‎‏کذلک ، ولم یتحقّق بعد یقین بنجاسـة واحد معیّن منهما حتّی یجب نقض الیقین‏‎ ‎‏السابق بالیقین اللاحق ، بل الموجود هو الیقین بنجاسـة أحـدهما المردّد ، وهـو‏‎ ‎‏لم یکن مسبوقاً بالیقین بالطهارة ، فمتعلّق الیقین السابق واللاحق مختلف ،‏‎ ‎‏فلا یجب النقض بـه .‏

‏فانقدح : أنّ أدلّـة الاستصحاب تجری فی المقام ولا یلزم التناقض أصلاً ،‏‎ ‎‏فلو کان هناک مانع فإنّما هـو مـن جهة الثبوت کما اختـاره فی مواضع اُخـر ،‏‎ ‎‏فتأمّل جیّداً .‏

‏ ‏

‎ ‎

‎[[page 94]]‎

  • )) فرائد الاُصول 2 : 404 .
  • )) نفس المصدر 2 : 744 ـ 745 .
  • )) نفس المصدر 1 : 27 .

انتهای پیام /*