الخامسة‏: محطّ البحث فی الإجزاء

کد : 147348 | تاریخ : 19/01/1394

الخامسة : محطّ البحث فی الإجزاء

‏ ‏

‏ظاهر کلمات أکثر المحقّقین من المتأ خّرین فی إجزاء الأوامر الاضطراریة‏‎ ‎‏عن الاختیاریة وإجزاء الظاهریة عن الواقعیة ، أنّ هاهنا أمرین ؛ تعلّق أحدهما‏‎ ‎‏بالطبیعة بملاحظة حال الاختیار والعلم ، وثانیهما بطبیعة اُخری بملاحظة حال‏‎ ‎‏الاضطرار والجهل ، فوقع البحث فی أنّ إتیان متعلّق الاضطراری والظاهری یجزی‏‎ ‎‏عن الاختیاری والواقعی أو لا ؟‏

‏ولعـلّ مبنی القول بتعدّده ما علیه جماعـة ـ منهم المحقّق الخراسانی ـ مـن‏‎ ‎‏أنّ الجزئیـة والشرطیة والمانعیة لاتقبل الجعل استقلالاً‏‎[1]‎‏ ، وأنّ ما ظاهره الاستقلال‏‎ ‎‏فی الجعل إنّما هو إرشاد إلی ما جعله جـزءً أو شرطاً حین الأمـر بالمرکّب ،‏
‎[[page 254]]‎‏ولایعقل بعد الأمر بالمرکّب جعل جزء آخر له أو شرط کذلک .‏

‏فحینئذٍ کلّ ما کان ظاهره الاستقلال فی الجعل ، کقوله ‏‏علیه السلام‏‏ : ‏«التراب أحد‎ ‎الطهورین»‎[2]‎‏ فلابدّ من جعله إرشاداً إلی ما أخذه شرطاً لدی الأمر بالمرکّب ،‏‎ ‎‏ویحتاج إلی سبق أمر آخر متعلّق بالطبیعة المتقیّدة بالطهارة الترابیة ؛ إذ لا معنی‏‎ ‎‏للإرشاد مع عدم وجود مرشد إلیه ، ویلتزم لأجله وجود أمرین .‏

‏وعلیه هنا أمران : أحدهما تعلّق بالصلاة المتقیّدة بالطهارة المائیة للمختار ،‏‎ ‎‏والآخر بالمقیّدة بالترابیة للمضطرّ . وقس علیه الأجزاء والموانع بقسمیهما .‏

‏ولذا ذهب ‏‏قدس سره‏‏ إلی البراءة ؛ إذ الشکّ ـ بناءً علی وجود الأمرین ـ إنّما هو فی‏‎ ‎‏حدوث أمر آخـر ـ کما یأتی بیانه‏‎[3]‎‏ ـ وهذا بخلاف القول بإمکان الجعل فیها‏‎ ‎‏مستقلاًّ حتّی یتحفّظ ظواهر الأدلّة الظاهرة فی الجعل مستقلاًّ ؛ إذ یکون هنا أمر‏‎ ‎‏واحد متعلّق بالطبیعة ، وقد أمر الشارع بإتیانها بکیفیة فی حال الاختیار ، وبکیفیة‏‎ ‎‏اُخری فی حال الاضطرار ، والاختلاف فی الأفراد والمصادیق .‏

‏ولا یجب لمن قال بجعل الشرطیة مستقلاًّ الالتزام بسبق أمر متعلّق بها بکیفیة‏‎ ‎‏الاضطرار .‏

‏ولعمری إنّ هذا هو الحقّ الصراح ؛ حفظاً لظواهر الأدلّة ، مع ما سیأتی فی‏‎ ‎‏مبحث الاستصحاب من إمکان الجعل‏‎[4]‎‏ ، فإذن لیس هنا إلاّ أمر واحد تعلّق بطبیعة‏‎ ‎‏الصلاة ، وإنّما القیود من خصوصیات المصادیق ؛ إذ قوله تعالی : ‏‏«‏أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوکِ
‎[[page 255]]‎الشَّمسِ إِلی غَسَقِ اللَیلِ‏»‏‎[5]‎‏ یدلّ علی وجوب الطبیعة فی هذا الوقت المضروب‏‎ ‎‏لها ، ثمّ دلّ دلیل علی اشتراطها بالطهارة المائیة فی حال الاختیار واشتراطها‏‎ ‎‏بالترابیة عند فقدانها ؛ بحیث یکون المأتی بالشرط الاضطراری نفس الطبیعة التی‏‎ ‎‏یأتیها المکلّف بالشرط الاختیاری ، بلا اختلاف فی المتعلّق والطبیعة والأمر .‏

‏کما هو ظاهر قوله تعالی : ‏‏«‏یَا أَ یُّها الَّذِینَ آمَنُوا إذا قُمتُم إلی الصَّلاةِ‏»‏‏ إلی‏‎ ‎‏أن قال سبحانـه : ‏‏«‏فَلَم تَجِدُوا ماءً فَتَیمَّمُوا صَعِیداً طَیِّباً‏»‏‎[6]‎‏ فإنّ ظاهرها : أنّ‏‎ ‎‏الصلاة التی سبق ذکرها وشرطیتها بالطهارة المائیة یؤتی بها عند فقد الماء متیمّماً‏‎ ‎‏بالصعید ، وأنّها فی هذه الحالة عین ما تقدّم أمراً وطبیعة .‏

‏وبالجملة : أنّ الکیفیات الطارئة من خصوصیات المصادیق لامن مکثّرات‏‎ ‎‏موضوع الأمر ، ولایکون للطبیعة المتقیّدة بکیفیةٍ أمرٌ وبکیفیة اُخری أمر آخر ،‏‎ ‎‏والنزاع وقع فی أنّ الإتیان بمصداق الاضطراری للطبیعة هل یوجب سقوط الأمر‏‎ ‎‏عنها أولا ؟ وقس علیه الحال فی الأوامر الظاهریة حرفاً بحرف .‏

إذا عرفت ما ذکرنا فاعلم : أنّ الکلام یقع فی مواضع :

‎ ‎

‎[[page 256]]‎

  • )) نفس المصدر : 456 ـ 457 .
  • )) اُنظر وسائل الشیعة 3 : 381 ، کتاب الطهارة ، أبواب التیمّم ، الباب 21 ، الحدیث 1 .
  • )) یأتی فی الصفحة 265 ـ 266 .
  • )) الاستصحاب ، الإمام الخمینی قدس سره : 68 ـ 70 .
  • )) الإسراء (17) : 78 .
  • )) المائدة (5) : 6 .

انتهای پیام /*