الاُولی‏: فی تحریر محلّ النزاع

کد : 147352 | تاریخ : 19/01/1394

الاُولی : فی تحریر محلّ النزاع

‏ ‏

‏اختلفت کلماتهم فی تحریر محلّ البحث ؛ فعنونه فی «الفصول» بأنّ الأمر‏‎ ‎‏بالشیء إذا اُتی به علی وجهه هل یقتضی الإجزاء أو لا‏‎[1]‎‏ ؟ والمعروف بین المشایخ‏‎ ‎‏والمعاصرین هو أنّ الإتیان بالمأمور به علی وجهه هل یقتضی الإجزاء أم لا‏‎[2]‎‏ .‏

‏وربّما یفرّق بین التعبیرین : أنّ النزاع فی الأوّل فی دلالة الأمر ، فیکون‏‎ ‎‏البحث من مباحث الالفاظ والدلالات ، وفی الثانی فی أنّ الإتیان علّة للإجزاء ،‏‎ ‎‏فیکون عقلیاً‏‎[3]‎‏ .‏


‎[[page 249]]‎وفیه :‏ أنّ جعل النزاع فی العنوان الأوّل فی دلالة لفظ الأمر بعید عن الصواب‏‎ ‎‏جدّاً ؛ أمّا عدم المطابقة والتضمّن فظاهران ؛ إذ لا أظنّ أن یتوهّم أحد أنّ الأمر‏‎ ‎‏بمادّته أو هیئته یدلّ علی الإجزاء إذا أتی المکلّف بالمأمور به علی وجهه ؛ بحیث‏‎ ‎‏یکون هذا المعنی بطوله عین مدلوله أو جزئه . وأمّا الالتزام فبمثل ما تقدّم .‏

‏وما یقال فی تقریبه من أنّ الأمر یدلّ علی أنّ المأمور به مشتمل علی غرض‏‎ ‎‏للآمر ، ولا محالة أنّ ذلک الغرض یتحقّق فی الخارج بتحقّق المأمور به ، وحینئذٍ‏‎ ‎‏یسقط الأمر لحصول الغایة‏‎[4]‎‏ ، مدفوع بأنّ عدّ تلک القضایا الکثیرة العقلیة من دلالة‏‎ ‎‏الأمر علیهما التزاماً ممّا لا مجال للالتزام به ؛ إذ جعلها من المدالیل الالتزامیة یتوقّف‏‎ ‎‏علی کونها من اللوازم البیّنة ؛ حتّی یجعل من المدالیل الالتزامیة بالمعنی المصطلح ،‏‎ ‎‏مع أنّ المقدّمتین المذکورتین فی کلامه قد تشاجرت فی صحّته الأشاعرة والمعتزلة ،‏‎ ‎‏فکیف یکون أمراً بیّن الثبوت ؟ !‏

‏هذا ، من غیر فرق بین إرجاع النزاع إلی الأوامر الاختیاریة الواقعیة أو‏‎ ‎‏الاضطراریة أو الظاهریة ؛ لأنّ دلالة الأمر لاتخرج من مادّته وهیئته ، فتدبّر .‏

‏کما أنّ جعل النزاع فی العنوان الثانی عقلیاً ـ کما استظهره القائل ـ لایصحّ‏‎ ‎‏فی جمیع الأقسام ؛ إذ النزاع عقلیاً إنّما یصحّ لو کان المراد مـن الإجـزاء بالإتیان‏‎ ‎‏هـو الإجزاء عـن الأمـر الذی امتثله ، وأمّا إجزاء المأتی به بالأمر الظاهری عن‏‎ ‎‏الواقعی والثانوی عن الأوّلی فلا محالة یرجع النزاع إلی دلالة الأوامر الاضطراریة‏‎ ‎‏والظاهریة علی الإجزاء ، بتنقیح موضوع الأوامر الاختیاریة والواقعیة بنحو‏‎ ‎‏الحکومة .‏


‎[[page 250]]‎‏وبالجملة : یلاحظ لسان أدلّتها بأنّه هل یدلّ علی التوسعة فی المأمور به‏‎ ‎‏أولا ؟ فلا محالة یکون من مباحث الألفاظ ، فحینئذٍ لایجوز عدّ الجمیع بحثاً عقلیاً .‏‎ ‎‏ولعلّه لأجل ذلک ذهب بعضهم إلی أنّ الجمع بین الإجزاء فی الأوامر بالنسبة إلی‏‎ ‎‏نفسها والإجزاء بالنسبة إلی أمر آخر ممّا لایمکن بعنوان واحد .‏

‏نعم ، ما ذکرناه وجهاً لجعل البحث فی الأمر الظاهری أو الواقعی الثانوی فی‏‎ ‎‏الدلالات اللفظیة من التوسعة ، وتنقیح الموضوع بالحکومة ممّا أحدثه المتأخّرون‏‎ ‎‏من الاُصولیین ، فلا یجوز حمل کلام القوم علیه .‏

‏کما أنّ ما نقلناه عن بعضٍ ؛ من عدم إمکان الجمع بین الواقعی الأوّلی وغیره‏‎ ‎‏ضعیف بإمکان تصوّر جامع بینهما ؛ بأن یقال : إتیان المأمور به علی وجهه هل‏‎ ‎‏یجزی أم لا ؟‏

‏وهذا جامع یشمل جمیع العناوین المبحوث عنها ، غایة الأمر أنّ الاختلاف‏‎ ‎‏فی طریق الاستدلال بما یناسب حال کلّ واحد ، ولایکون النزاع ابتداءً فی دلالة‏‎ ‎‏الأدلّة ، بل فی الإجزاء وعدمه ، فیکون الدلیل علی الإجزاء فی بعض الموارد حکم‏‎ ‎‏العقل ، وفی غیره ما تصوّره القائلون بالإجزاء ؛ من حدیث الحکومة والتوسعة ،‏‎ ‎‏ولاضیر فی کون بعض مصادیقه بدیهیاً دون بعضه ، بعد قابلیة الجامع للنزاع ،‏‎ ‎‏والخطب سهل .‏

‎ ‎

‎[[page 251]]‎

  • )) الفصول الغرویة : 116 / السطر9 .
  • )) مطـارح الأنظـار : 18 / السطر23 ، کفایـة الاُصـول : 104 ، نهایـة الأفکـار 1 : 222 درر الفوائد ، المحقّق الحائری : 77 .
  • )) بدائع الأفکار (تقریرات المحقّق العراقی) الآملی 1 : 260 و 261 .
  • )) بدائع الأفکار (تقریرات المحقّق العراقی) الآملی 1 : 261 .

انتهای پیام /*