الثالث‏: فی إتیان الأفراد العرضیة دفعة مع وحدة الأمر

کد : 147356 | تاریخ : 19/01/1394

الثالث : فی إتیان الأفراد العرضیة دفعة مع وحدة الأمر

‏ ‏

‏إذا قلنا بتعلّق الأمر بالطبیعة ، وأوجد المکلّف عدّة أفراد دفعة واحدة فهل هو‏‎ ‎‏امتثال واحد ؛ لوحدة الأمر المقتضی لامتثال واحد ، أو امتثالات ؛ لکون الطبیعة‏‎ ‎‏تتکثّر بتکرّر الأفراد ؛ فکلّ واحد بما هو مصداق له امتثال مستقلّ ؟ وجهان :‏

اختار ثانیهما بعض السادة من الأکابر‏ ؛ محتجّاً بأنّ الطبیعة متکثّرة بتکثّرها ،‏‎ ‎‏ولا یکون فردان أو أفراد منها موجودة بوجود واحد ؛ لأنّ المجموع لیس له وجود‏‎ ‎‏غیر وجود الأفراد ، فکلّ فرد محقّق للطبیعة ، ولمّا کان المطلوب هو الطبیعة بلا تقیّد‏‎ ‎‏بالمرّة أو التکرار فحینئذٍ إذا أتی المکلّف بأفراد متعدّدة فقد أوجد المطلوب فی‏‎ ‎‏ضمن کلّ فرد مستقلاًّ ، فیکون کلٌّ امتثالاً برأسه کما هو موجود بنفسه .‏

‏ونظیر ذلک الواجب الکفائی ؛ حیث إنّ الأمر فیه متعلّق بنفس الطبیعة ،‏‎ ‎‏ویکون جمیع المکلّفین مأمورین بإتیانها ، فمع إتیان واحد منهم یسقط الوجوب عن‏
‎[[page 241]]‎‏الباقی ، وأمّا لو أتی به عدّة منهم دفعة یعدّ کلّ واحد ممتثلاً ، ویحسب لکلّ امتثال‏‎ ‎‏مستقلّ ، لا أن یکون فعل الجمیع امتثالاً واحداً‏‎[1]‎‏ ، انتهی .‏

وفیه :‏ أنّ وحدة الامتثال وکثرته بوحدة الطلب وکثرته ، لابوحدة الطبیعة‏‎ ‎‏وکثرتها ؛ ضرورة أنّه لولا البعث لم یکن معنی لصدق الامتثال ، وإن اُوجد آلاف من‏‎ ‎‏أفراد الطبیعة .‏

‏وبالجملة : فرق بین تعلّق الأمر بإکرام کلّ فرد من العلماء وبین تعلّقه بنفس‏‎ ‎‏الطبیعة متوجّهاً إلی مکلّف واحد :‏

‏فعلی الأوّل یکون کلّ فرد واجباً برأسه ؛ ولو بالانحلال فی جانب الوجوب‏‎ ‎‏علی وجه معقول ، فیتعدّد امتثاله ؛ ولذا یعاقب بعدد الأفراد .‏

‏وعلی الثانی یکون مرکز الحکم نفس الطبیعة ، فهنا حکم واحد ومتعلّق‏‎ ‎‏فارد ، وتکثّرها فی الوجود لایوجب تکثّر الوجوب ـ ولو انحلالاً ـ کما لایوجب‏‎ ‎‏تکثّر الامتثال ؛ ولذا لو ترک الإکرام المتعلّق بالطبیعة مطلقاً لم یکن له إلاّ عقاب‏‎ ‎‏واحد . وإن شئت قلت : إنّ وحدة العقاب وکثرته ووحدة الثواب وتعدّده منوط‏‎ ‎‏باختلاف فی ناحیة الطلب والبعث قلّة وکثرة .‏

‏والقول بأنّ ترک الطبیعة مطلقاً لایوجب إلاّ عقاباً واحداً کاشف عن وحدة‏‎ ‎‏البعث والحکم ، ومع فرضه واحداً کیف یمکن أن یتصوّر للواحد غیر المنحلّ‏‎ ‎‏امتثالات ؟ فإذن الامتثال فرع الطلب ، کما أنّ العقوبة فرع ترک المطلوب ، فلا یمکن‏‎ ‎‏الامتثالات مع وحدة الطلب ، ولا استحقاق عقوبة واحدة مع کثرته .‏

‏أضف إلی ذلک : أنّ قیاسه مـع الفارق ؛ لأنّ البعث فی الواجب الکفائی‏
‎[[page 242]]‎‏یتوجّـه إلی عامّة المکلّفین ؛ بحیث یصیر کلّ مکلّف مخاطباً بالحکم ، فهناک طلبات‏‎ ‎‏کثیرة وامتثالات عدیدة ، لکن لو أتی واحد منهم سقط البعث عـن الباقی ؛ لحصول‏‎ ‎‏الغرض وارتفاع الموضوع ، ولو ترکوها رأساً لعوقبوا جمیعاً ، ولـو أتاها الجمیع‏‎ ‎‏دفعة فقد امتثلوا کافّة ؛ لکون کلّ فرد منهم محکوم بحکمه ومخاطب ببعثه‏‎ ‎‏المختصّ ، بخلاف المقام .‏

إذا عرفت ما قدّمناه من الاُمور‏ ، مع ما عرفت فی مباحث المشتقّ یظهر لک‏‎ ‎‏حقیقة الأمر ؛ من عدم دلالة الأمر علی المرّة والتکرار لابمادّته ؛ لکونها موضوعة‏‎ ‎‏للماهیة بلا شرط ، ولا بهیئه ؛ لأنّها للإغراء والبعث ویلزمه الوجود أو الإیجاد کما‏‎ ‎‏مرّ‏‎[2]‎‏ ، ولا بالمجموع ؛ لعدم وضع له . والتمسّک بالقرائن ـ مع أنّه خارج عن‏‎ ‎‏الفرض ـ غیر ممکن ؛ لفقد القرائن العامّة الدالّة علی واحد منهما .‏

‎ ‎

‎[[page 243]]‎

  • )) نهایة الاُصول : 124 و 230 ـ 231 .
  • )) تقدّم فی الصفحة 191 .

انتهای پیام /*