الاُولی‏: فی معانی لفظ الأمر

کد : 147384 | تاریخ : 20/01/1394

الاُولی : فی معانی لفظ الأمر

‏ ‏

‏اعلم أنّ المعروف بین الاُصولیین أنّ لفظ الأمـر مشترک لفظـی ـ بما أنّـه‏‎ ‎‏لفـظ واحـد ـ بین الطلب الـذی هـو أمـر حـدثی وقابل للتصریف وبین غیره الذی‏‎ ‎‏لیس کذلک‏‎[1]‎‏ .‏

‏وعن بعضهم : أنّه مشترک معنوی بینهما‏‎[2]‎‏ . ولکنّه غفلة وذهول ؛ لامتناع‏‎ ‎‏وجود جامع حقیقی بین الحدث وغیره . وعلی فرض وجوده لایکون حدثیاً حتّی‏‎ ‎‏یقبل الاشتقاق إلاّ بنحو من التجوّز .‏

‏کما أنّ القول باشتراکه لفظاً غیر صحیح ؛ إذ الموضوع للحدث هی المادّة‏‎ ‎‏الساریة فی فروعها التی لم تتحصّل بهیئة خاصّة ، بل خالیة عن جمیع الفعلیات‏
‎[[page 185]]‎‏والتحصّلات . والموضوع لمعان اُخر هو لفظ الأمر جامداً المتحصّل بهیئة خاصّة ،‏‎ ‎‏کلفظ الإنسان والحیوان .‏

‏وعلیه : فالوضعان لم ینحدرا علی شیء واحد حتّی یجعل من الاشتراک‏‎ ‎‏اللفظی ، بل علی مادّة غیر متحصّلة تارة ، وعلی اللفظ الجامد اُخری . ولعلّ القائل‏‎ ‎‏بالاشتراک یری مادّة المشتقّات هو المصدر ، وتبعـه غیره فی ذلک ، من غیر توجّه‏‎ ‎‏إلی تالیه .‏

ثمّ‏ الظاهر ـ کما هو مقتضی التبادر ـ من قولنا «أمر فلان زیداً» أنّ مادّته‏‎ ‎‏موضوعة لجامع اسمی بین هیئات الصیغ الخاصّة بما لها من المعنی ، لا الطلب ولا‏‎ ‎‏الإرادة المظهرة ، ولا البعث وأمثالها .‏

‏ولایبعد أن یکون المعنی الاصطلاحی مساوقاً للّغوی ؛ أی لایکون له‏‎ ‎‏اصطلاح خاصّ ، مثلاً إذا قال «اضرب زیداً» یصدق علی قوله أنّه أمره ، وهو غیر‏‎ ‎‏قولنا : إنّه «طلب منه» أو «أراد منه» أو «بعثه» ؛ فإنّ هذه المفاهیم الثلاثة غیر مفهوم‏‎ ‎‏الأمر عرفاً .‏

‏وبعبارة أوضح : أنّ مادّة الأمر موضوعة لمفهوم اسمی منتزع من الهیئات‏‎ ‎‏بمالها من المعانی ، لا بمعنی دخول المعانی فی الموضوع له ، بل بمعنی أنّ الموضوع‏‎ ‎‏له جامع الهیئات المستعملة فی معانیها ، لانفس الهیئات ؛ ولو استعملت لغواً أو فی‏‎ ‎‏غیر معناها ، فالمعنی مفهوم اسمی مشترک بین الهیئات التی هی الحروف الإیجادیة .‏

‏فإن قلت : البحث فی لفظ الأمر الذی له معنی اشتقاقی ، وما ذکرت من‏‎ ‎‏الجامع یستلزم کونه غیر قابل للتصریف .‏

‏قلت : ما ذکرنا من الجامع الاسمی بما أنّه قابل للانتساب والتصرّف یصحّ منه‏‎ ‎‏الاشتقاق ، کما أن الکلام واللفظ والقول مشتقّات باعتبار ذلک ، فلا إشکال من هذه‏
‎[[page 186]]‎‏الجهة بوجه . ولو سلّم أنّ الأمر لغةً بمعنی الطلب فالاشتقاق کما یمکن باعتباره‏‎ ‎‏کذلک یمکن باعتبار المعنی الاصطلاحی ؛ أی القول الخاصّ ، لکن باعتبار کونه‏‎ ‎‏حدثاً صادراً عن المتکلّم .‏

‏وما یقال : من أنّ المعنی الاصطلاحی غیر قابل للتصریف‏‎[3]‎‏ ناشٍ عن جعل‏‎ ‎‏لفظ الأمر بإزاء معنی محصّل الذی لا یصدق إلاّ علی الصیغ المحصّلة ، وقد عرفت‏‎ ‎‏أنّ الاشتقاق منه باعتبار انتسابه وکونه حدثاً صادراً عن الآمر .‏

‎ ‎

‎[[page 187]]‎

  • )) الفصول الغرویة : 62 / السطر35 ، نهایة الأفکار 1 : 156 .
  • )) فوائد الاُصول (تقریرات المحقّق النائینی) الکاظمی 1 : 128 ، أجود التقریرات 1 : 86 .
  • )) کفایة الاُصول : 82 .

انتهای پیام /*