السادس : فی المراد بـ «الحال» فی العنوان
بعد مـا أشرنا إلی أنّ الکلام فی المشتقّ إنّما هـو فی المفهوم اللغوی التصوّری یتّضح لک : أنّ المراد بـ «الحال» فی العنوان لیس زمان الجری والإطلاق ولا زمان النطق ولا النسبة الحکمیة ؛ لأنّ کلّ ذلک متأخّر عن محلّ البحث ، ودخالتها فی الوضع غیر ممکنة ، وبما أنّ الزمان خارج عن مفهوم المشتقّ لایکون المراد زمان التلبّس .
بل المراد : أنّ المشتقّ هل وُضع لمفهوم لاینطبق إلاّ علی المتّصف بالمبدأ أو لمفهوم أعمّ منه ؟
وإن شئت قلت : إنّ العقل یری أنّ بین أفراد المتلبّس فعلاً جامعاً انتزاعیاً ، فهل اللفظ موضوع لهذا الجامع أو الأعمّ منه ؟
[[page 157]]وممّا ذکرنا مـن أنّ محطّ البحث هـو المفهوم التصوّری یندفع ما ربّما یتوهّم أنّ الوضع للمتلبّس بالمبدأ ینافی عدم التلبّس به فی الخارج ؛ خصوصاً إذا کان التلبّس ممتنعاً ـ کالمعدوم والممتنع ـ للزوم انقلاب العدم إلی الوجـود ، والامتناع إلی الإمکان .
وجه الدفع : أنّ التالی إنّما یلزم ـ علی إشکال فیه ـ لو کان المعدوم ـ مثلاً ـ وضع لمعنی تصدیقی ؛ وهو کون الشیء ثابتاً له العدم ، ومعه یلزم الإشکال ـ ولو مع الوضع للأعمّ أیضاً ـ وسیأتی أنّ معنی المشتقّات لیس بمعنی شیء ثبت له کذا حتّی یتمسّک بالقاعدة الفرعیة .
وأمّا ما ربّما یجاب : بأنّ کون الرابط لاینافی الامتناع الخارجی للمحمول فلا یدفع الإشکال به ؛ وذلک لأنّ الکون الرابط وإن کان لاینافی کون المحمول عـدماً أو ممتنعاً ـ علی تأمّل فیه ـ لکن لایمکن تحقّقه إذا کان الموضوع معـدوماً أو ممتنعاً ، کما فیما نحن فیه ؛ إذ فی مثل «زید معدوم» و«شریک البارئ ممتنع» لایمکن تحقّق الکون الرابط ، وسیوافیک أنّ هذه القضایا فی قوّة المحصّلات من القضایا السالبة ، فارتقب .
[[page 158]]