استدلال الصحیحی بصحّة السلب

کد : 147422 | تاریخ : 20/01/1394

استدلال الصحیحی بصحّة السلب

‏ ‏

ومن ذلک یعرف :‏ حال صحّة السلب عن الفاسدة ؛ إذ لایخلو إمّا أن یصحّ‏‎ ‎‏سلب لفظ الصلاة ـ مثلاً ـ عن تلک الماهیة ، بلا معرّفیة هذه العناوین المتأخّرة ، وإمّا‏‎ ‎‏بمعونتها :‏

‏والأوّل باطل ؛ إذ هی مع قطع النظر عنها مجهولة الکنه ، غیر معلومة‏‎ ‎‏المعنی علی الفرض ، فکیف یسلب المجهول بما هو مجهول عن شیء ؟ والثانی أیضاً‏‎ ‎‏مثله ؛ إذ تعریفها بهذه الآثار یساوق تقییدها بالصحّة الفعلیة ، فیرجع إلی صحّة سلب‏‎ ‎‏الصلاة الصحیحة عن الفاسدة ، وهی ممّا لایقبل الإنکار .‏

‏والحاصل : أنّ صحّة سلب المعنی بما هو هو ممّا لایمکن الوصول إلیه ؛‏‎ ‎‏للجهل به ، وسلب المعنی بمعرّفیة هذه الاُمور ـ بعد فرض کونها معرّفات للصحیح ـ‏‎ ‎‏غیر مفید أصلاً .‏

‏وتوهّم : أنّ تلک العناوین اُخذت ظرفاً ـ لا قیداً ـ قد مرّ ما فیه ؛ إذ غایة الأمر‏‎ ‎‏عدم أخذها قیداً ، إلاّ أنّها فی هذه الحالة لا تنطبق إلاّ علی الصحیح ، ولا فائدة فی‏‎ ‎‏صحّة سلبها عن الفاسدة .‏

‏هذا ، ویمکن تصحیح دعوی التبادر وصحّة السلب ـ إمکاناً لا وقوعاً ـ‏‎ ‎‏بتقریب : أنّ من سبر حال الواضعین من السلف والخلف یجد أنّ المطّرد بینهم هو‏‎ ‎‏وضع الألفاظ بمقدار یرفع الحاجة ، ومهما وقفوا علی أشیاء أو اخترعوا شیئاً من‏
‎[[page 118]]‎‏الصنائع وغیرها عیّنوا بإزائها ألفاظاً تفید معانیها عند الإطلاق .‏

‏ولم یکن ذلک الوضع منهم حین وقوفهم علی حقائق الأشیاء بأجناسها‏‎ ‎‏وفصولها ؛ إذ قلّما یتّفق ذلک لبشر ، إلاّ الأوحدی من الفلاسفة وعلماء الطبیعة ، بل‏‎ ‎‏کان العرف الساذج ینتقل من بعض المصادیق إلی جامع ارتکازی یصلح أن یکون‏‎ ‎‏جامعاً بین الأفراد ؛ من الصورة النوعیة وغیرها ممّا یصلح وقوعه جامعاً .‏

‏وقد أیّدت التجربة : أنّ من اخترع سیّارة أو استکشف حیواناً یشیر إلی‏‎ ‎‏المصنوع والمستکشف الموجودین بین یدیه ، ویسمّیه باسم ، لا بما أنّه اسم لشخص‏‎ ‎‏خاصّ فی زمانه ومکانه ، بل یشیر بالتوجّه إلیه إلی نفس الجامع ویضع اللفظ بإزائه‏‎ ‎‏بمعرّفیة هذا العنوان من غیر نظر إلی خصوصیته الشخصیة ، بل لجامعه وطبیعته‏‎ ‎‏النوعیة .‏

وبذلک یتّضـح :‏ أنّ الوضـع فی غالب تلک الموارد مـن قبیل الوضع الخاصّ‏‎ ‎‏والموضوع له العامّ ؛ لکون الملحوظ عند الوضع شیئاً خاصّاً والموضوع لـه‏‎ ‎‏أمـراً عامّاً .‏

‏نعم ، لایلزم تصوّر الجامع تفصیلاً والعلم بحقیقته ، بل یکفی تصوّره إجمالاً‏‎ ‎‏وارتکازاً . فعند ذلک یسوغ للصحیحی أن یدّعی : أنّ الصلاة بحسب ارتکاز أهل‏‎ ‎‏الشرع یتبادر منها معنی إجمالی ؛ وهو الجامع الذی لاینطبق إلاّ علی الأفراد‏‎ ‎‏الصحیحة ، فلا یکون معنی الصلاة مبهماً ومجهولاً فی ظرف التبادر . وبذلک یندفع‏‎ ‎‏الاستحالة التی ذکرناها .‏

‏وهـذا وإن کان یصحّح دعـوی تبادر الصحیح بحسب الإمکان العقلی إلاّ‏‎ ‎‏أنّـه بعـد ممنوع وقوعـاً ؛ لأنّ الإنصاف أنّ مـن اخترع السیّارة وعیّن لفظاً خاصّاً‏‎ ‎‏لها لم ینتقل مـن الفرد الموجـود إلاّ إلی نفس الجامـع الارتکازی ، مـن غیر لحـاظ‏
‎[[page 119]]‎‏الخصوصیات مـن الصحّة والفساد .‏

‏کما أنّ المتبادر من ألفاظ العبادات هو نفس طبایعها بما هی ، لابما أنّها‏‎ ‎‏ملزومة للّوازم ومعروضة للعوارض ، والمتتبّع فی الآثار یجد ذلک فی عصر‏‎ ‎‏النبی ‏‏صلی الله علیه و آله وسلم‏‏وزمان الصادقین ‏‏علیهماالسلام‏‏ ؛ عصر نشر الأحکام وفتح بابها بمصراعیها .‏

‎ ‎

‎[[page 120]]‎

انتهای پیام /*