حول أنّ معانی الحروف لیست مغفولاً عنها

کد : 147449 | تاریخ : 20/01/1394

حول أنّ معانی الحروف لیست مغفولاً عنها

‏ ‏

‏بقی هناک شیء : وهو أنّه یقف الباحث عند تتبّع کلمات القوم علی کلمة دارجة‏‎ ‎‏بینهم ؛ وهی أنّ المعانی الحرفیة آلات لملاحظة الغیر ، وأنّها مغفول عنها فی الذهن ،‏‎ ‎‏ویترتّب علیه امتناع وقوعها مخبراً عنها وبها . وعلی ذلک بنوا إنکار الواجب المشروط‏‎ ‎‏ومفهوم الشرط ؛ لامتناع تقیید معنی الهیئة ، وأرجعوا القیود ـ کلّها ـ إلی المادّة .‏


‎[[page 59]]‎هذا ،‏ وفی المبنی وما رتّب علیه نظر ، بل الدلیل قائم علی بطلانهما :‏

أمّا الأوّل :‏ فلأنّک تجـد أنّ الغرض الأقصـی فی الجمـل والقضایـا لیس إلاّ‏‎ ‎‏إفهام المعانی الحرفیـة ، فکیف تکون مغفولاً عنها ؟ إذ مقصود المتکلّم فی اُفـق‏‎ ‎‏نفسه فی ترکیب القضایا إمّا إفادة الهوهویة بین الموضوع والمحمول ، أو الانتساب‏‎ ‎‏والکـون الرابط بین المعانی الاسمیـة ، علی تفصیل قـد عرفت مـن أنّ المقصد‏‎ ‎‏الأسنی فی مثل «زید موجود» هو بیان الهوهویة ، لا إفهام زید ولا تفهیم موجود .‏‎ ‎‏وقس علیه مثل «زید فی الدار» .‏

‏وعلیه : فهی متوجّه إلیها البتّة کالأسماء ، لکن لمّا کانت معانیها غیر مستقلاّت‏‎ ‎‏فی التعقّل والوجود یکون إفهاماً تبعیاً لا استقلالیاً . وکم فرق بین کون شیء مغفولاً‏‎ ‎‏عنه ومرآة للحاظ غیره ، وبین تبعیة شیء لشیء فی التعقّل والتحقّق ؟‏

أمّا الثانی :‏ فیرد علیه ـ بعد إبطال أصله ـ أنّ المراد من عدم وقوعها مخبراً‏‎ ‎‏عنها وبها إن کان عدم وقوعها کذلک علی وزان الأسماء فمسلّم ، ولکن الإخبار عنها‏‎ ‎‏وبها لاینحصر فی ذلک ، وإن کان المراد عدم الإخبار عنها وبها بقول مطلق ـ کالعدم‏‎ ‎‏المحض والمجهول المطلق ؛ حیث لایتوجّه إلیهما القصد ، ولا یتعلّق بهما الغرض ـ‏‎ ‎‏فهو قول کاذب بشهادة الوجدان وضرورة العقل بإمکان الخبر بها وعنها فی التراکیب‏‎ ‎‏الکلامیة ؛ تبعاً لأسمائها .‏

‏ولیس الغرض من قولنا : «ضربت زیداً یوم الجمعة فی السوق» إلاّ إفهام‏‎ ‎‏حدوث الضرب منّا فی مکان کذا ووقت کذا ، فهذه القیود قیود للمعنی الحرفی‏‎ ‎‏ـ وهو النسبة الکلامیة ـ کما هو ظاهر .‏

‎ ‎

‎[[page 60]]‎

انتهای پیام /*