حول إشکالات لا یختصّ بآیة النبأ و أجوبتها

کد : 147519 | تاریخ : 21/01/1394

احول إشکالات لا یختصّ بآیة النبأ وأجوبتها

‏ ‏

منها :‏ أنّ النسبة بین الأدلّة الدالّة علی حجّیة قول العادل وبین عموم الآیات‏‎ ‎‏الناهیة عن العمل بالظنّ وما وراء العلم عموم من وجه ، والمرجع بعد التعارض إلی‏‎ ‎‏أصالة عدم الحجّیة .‏

‏ولکن عرفت : أنّ من الآیات ما یختصّ بالاُصول الاعتقادیة ، ولسانها آبٍ‏‎ ‎‏من التخصیص ـ ولو کانت النسبة عموماً وخصوصاً مطلقاً ـ ومنها ما هو قابل‏‎ ‎‏للتخصیص ؛ لعمومیتها للاُصول والفروع ، مثل قوله تعالی : ‏‏«‏وَلا تَقْفُ مَا لَیْسَ لَکَ
‎[[page 446]]‎بِهِ عِلْمٌ‏»‏‎[1]‎‏ والنسبة بینه وبین أدلّة الباب هو العموم والخصوص المطلق ، فیخصّص‏‎ ‎‏عمومها أو یقیّد إطلاقها ، کما مرّ‏‎[2]‎‏ .‏

وأجاب بعض أعاظم العصر ‏قدس سره‏‏ بأنّ أدلّة الحجّیة حاکمة علی الآیات الناهیة ؛‏‎ ‎‏لأنّ أدلّة الحجّیة تقتضی خروج العمل بخبر العادل عن کونه عملاً بالظنّ .‏

‏ثمّ قال : ولو لم نسلّم الحکومة فالنسبة بین أدلّة الباب مع الآیات الناهیة هو‏‎ ‎‏العموم والخصوص المطلق ، والصناعة یقتضی تخصیص عمومها بما عدا خبر‏‎ ‎‏العادل‏‎[3]‎‏ .‏

وقد عرفت الإشکال‏ فی حکومة أدلّة الحجّیة ؛ لأنّ الحکومة قائمة باللسان ،‏‎ ‎‏ولیس هنا ما یتکفّل تنزیل الخبر الواحد منزلة العلم‏‎[4]‎‏ .‏

‏وأمّا ما أفاده من التخصیص ففیه : أنّه لو کان لسان العامّ آبیاً عن التخصیص‏‎ ‎‏یقع المعارضة بینه وبین الخاصّ ، ولا یجری صناعة التخصیص فی هذا المقام‏‎ ‎‏أصلاً ، والجواب ما عرفت .‏

ومنها :‏ أنّ حجّیة خبر الواحد تستلزم عدم حجّیته ؛ إذ لو کان حجّة لکان یعمّ‏‎ ‎‏قول السیّد وإخباره عن تحقّق الإجماع علی عدم حجّیته‏‎[5]‎‏ ، فیلزم من حجّیة الخبر‏‎ ‎‏عدم حجّیته ، وهو باطل بالضرورة‏‎[6]‎‏ .‏


‎[[page 447]]‎وفیه‏ ـ بعد الغضّ عن أنّه إجماع منقول وأدلّة حجّیته لا تشمله ، وعن أنّ‏‎ ‎‏الاستحالة إنّما هو ناشٍ من إطلاق دلیل الحجّیة وشموله لخبر السیّد لا عن أصل‏‎ ‎‏الحجّیة ـ أنّ الأمر دائر بین إبقاء عامّة الأفراد وإخراج قوله بالتخصیص أو العکس .‏

‏ولا یخفی أنّ الأوّل متعیّن ؛ إذ ـ مضافاً إلی بشاعة التخصیص الکثیر‏‎ ‎‏المستهجن ـ أنّ التعبیر عن عدم حجّیة الخبر الواحد بلفظٍ یدلّ علی حجّیة عامّة‏‎ ‎‏أفراده ، ثمّ إخراج ما عدا الفرد الواحد الذی یؤول إلی القول بعدم الحجّیة قبیح‏‎ ‎‏لا یصدر من الحکیم .‏

وأمّا ما أفاده المحقّق الخراسانی :‏ أنّ من الجائز أن یکون خبر العادل حجّة‏‎ ‎‏فی زمن صدور الآیة إلی زمن صدور هذا الخبر من السیّد ، وبعده یکون هذا الخبر‏‎ ‎‏حجّة فقط ، فیکون شمول العامّ لخبر السیّد مفیداً لانتهاء الحکم فی هذا الزمان ،‏‎ ‎‏ولیس هذا بمستهجن‏‎[7]‎‏ .‏

فیرد علیه :‏ أنّ الإجماع المحکی بقول السیّد یدلّ علی عدم حجّیة قول‏‎ ‎‏العادل من أوّل البعثة ؛ إذ هو یحکی عن حکم إلهی عامّ لکلّ الأفراد فی عامّة‏‎ ‎‏الأعصار والأدوار ، فلو کان قوله داخلاً تحت العموم لکشف عن عدم حجّیة الخبر‏‎ ‎‏الواحد من زمن النبی ‏‏صلی الله علیه و آله وسلم‏‏ ، وأنّ عمل الناس علیه واستفادتهم حجّیتها بظاهر‏‎ ‎‏الآیة إنّما هو لأجل جهلهم بالحکم الواقعی . وعلی ذلک فلا معنی لما أفاده من انتهاء‏‎ ‎‏زمن الحجّیة .‏

ومن ذلک یظهر :‏ أنّ ما أفاده شیخنا العلاّمة ‏‏قدس سره‏‏ من أنّ بشاعة الکلام علی‏‎ ‎‏تقدیر شموله لخبر السیّد لیست من جهة خروج تمام الأفراد سوی فرد واحد حتّی‏
‎[[page 448]]‎‏یدفع بما أفاده ـ أی المحقّق الخراسانی ـ بل من جهة التعبیر بالحجّیة فی مقام إرادة‏‎ ‎‏عدمها ، وهذا لا یدفع بما أفاده‏‎[8]‎‏ .‏

لا یخلو عن نظر ؛‏ لما عرفت من أنّ البشاعة الاُولی لا تندفع بما أفاده أیضاً ؛‏‎ ‎‏لما عرفت أنّ مفاد الإجماع حکم إلهی کاشف عن عدم الحجّیة من زمن‏‎ ‎‏النبی ‏‏صلی الله علیه و آله وسلم‏‏ ، فیکون تمام الأفراد خارجاً سوی فرد واحد .‏

‏ولو أغمضنا عمّا ذکرناه ، وسلّمنا أنّ شمول الأدلّة لخبر السیّد یدلّ علی انتهاء‏‎ ‎‏أمد الحکم بعد شموله لهذه الأفراد طول مدّة قرون ، فالبشاعة الثانیة مندفعة بما فی‏‎ ‎‏کلام المحقّق الخراسانی ؛ إذ لا مانع من شمول الإطلاق لفرد من الأفراد یفید انتهاء‏‎ ‎‏أمد الحکم ، ویعلن بعدم حجّیة قول العادل الواحد بعد هذا الإعلان والإخبار ، ولا‏‎ ‎‏إشکال فیه .‏

وأجاب بعض محقّقی العصر ‏قدس سره‏‏ عن الإشکال بما هذا حاصله : إنّ شمول‏‎ ‎‏إطلاق أدلّة الباب لمثل خبر السیّد الحاکی عن عدم الحجّیة ممتنع ؛ لاستلزامه‏‎ ‎‏شمول الإطلاق لمرتبة الشکّ بمضمون نفسه ؛ لأنّ التعبّد بإخبار السیّد بعدم الحجّیة‏‎ ‎‏إنّما کان فی ظرف الشکّ فی الحجّیة واللاحجّیة ، وهو عین الشکّ فی مضمون أدلّة‏‎ ‎‏الحجّیة التی منها المفهوم ، وإطلاقه لمثل هذه المراتب المتأخّرة غیر ممکن‏‎[9]‎‏ .‏

وفیه :‏ أنّه مبنی علی امتناع شمول إطلاق الجعل للحالات المتأخّرة عنه‏‎ ‎‏ـ کالشکّ ونحوه ـ وقد عرفت بطلانه وأنّ إطلاق الحکم یشمل لبعض الحالات‏‎ ‎‏المتأخّرة من الشکّ والعلم .‏


‎[[page 449]]‎‏وبالجملة : أنّ الآیة وسائر الأدلّة وردت رافعة لعامّة الشکوک ، والشکّ فی‏‎ ‎‏حجّیة قول العادل وعدمها أمر ینقدح فی ذهن الإنسان ؛ سواء جعل الحجّیة له أو‏‎ ‎‏لا ، وسواء وقف علیها أو لا .‏

‏وحینئذٍ : فلو غضّ عن سائر الإشکالات فلا مانع لو قلنا بأنّ إطلاق الأدلّة‏‎ ‎‏شامل لقول السیّد ؛ حتّی یکون قول السیّد رافعة للشکّ ؛ إذ هو نبأ والحکم معلّق‏‎ ‎‏علی مطلق النبأ ؛ ولکن بشرطین : أحدهما : عدم الإجماع علی الفرق بین النبائین :‏‎ ‎‏نبأ السیّد وسائر الأنباء .‏

‏ثانیهما : عدم کون إجماع السیّد ناظراً إلی عدم الحجّیة من أوّل البعثة.‏

‏وعند ذلک ؛ جاز الأخذ بالمفهوم وإدخال قول السیّد تحته ، فتکون النتیجة‏‎ ‎‏حجّیة أخبار الآحاد من عصر الرسول إلی زمن السیّد ، وانتهاء أمد الحجّیة فی‏‎ ‎‏زمانه ، کما أفاده المحقّق الخراسانی .‏

وربّما یجاب :‏ بأنّ الأمر دائر بین التخصیص والتخصّص ؛ لأنّ شمول الآیة‏‎ ‎‏لسائر الأخبار یجعلها مقطوع الحجّیة ، فیعلم بکذب خبر السیّد . وأمّا شمولها لخبر‏‎ ‎‏السیّد وإخراج غیره یکون من قبیل التخصیص ؛ لعدم العلم بکذب مؤدّیاتها ؛ ولو مع‏‎ ‎‏العلم بحجّیة خبر السیّد ؛ لأنّ مؤدّیاتها غیر الحجّیة واللاحجّیة‏‎[10]‎‏ .‏

وفیه أوّلاً :‏ أنّ مفاد أدلّة الباب لیس هو الحجّیة ، وإنّما لسانها ومفادها وجوب‏‎ ‎‏العمل ، وینتزع الحجّیة من الوجوب الطریقی ، کما أنّ إجماع السیّد لیس مضمونه‏‎ ‎‏عدم الحجّیة ، بل مفاده حرمة العمل بالأخبار ، وینتزع من الحرمة عدم الحجّیة ؛‏‎ ‎‏وذلک لأنّ الحجّیة واللاحجّیة لیستا من الاُمور القابلة للجعل .‏


‎[[page 450]]‎‏فإجماع السیّد أیضاً یرجع إلی الإجماع علی حرمة العمل المنتزع منها عدم‏‎ ‎‏الحجّیة . وعلیه یدور الأمر بین التخصیصین .‏

وثانیاً :‏ أنّ مضمون الآیة لو کان جعل الحجّیة للأخبار فلا إشکال فی عدم‏‎ ‎‏شموله لما قطع بعدم حجّیته أو قطعت حجّیته . فحینئذٍ لو شملت الآیة لخبر السیّد‏‎ ‎‏یصیر خبره مقطوع الحجّیة وخبر غیره مقطوع عدم الحجّیة ـ وإن لم یکن مقطوع‏‎ ‎‏المخالفة للواقع ـ فیصیر حال غیره کحاله فی خروجه تخصّصاً ، فتدبّر .‏

‎ ‎

‎[[page 451]]‎

  • )) الإسراء (17) : 36 .
  • )) تقدّم فی الصفحة 430 .
  • )) فوائد الاُصول (تقریرات المحقّق النائینی) الکاظمی 3 : 175 ـ 176 .
  • )) تقدّم فی الصفحة 431 .
  • )) رسائل الشریف المرتضی 1 : 24 .
  • )) اُنظر فرائد الاُصول ، ضمن تراث الشیخ الأعظم 24 : 264 .
  • )) درر الفوائد ، المحقّق الخراسانی : 110 .
  • )) درر الفوائد ، المحقّق الحائری : 387 .
  • )) نهایة الأفکار 3 : 118 ـ 119 .
  • )) نهایة الأفکار 3 : 119 .

انتهای پیام /*