الثالثة : فی القضایا المفتقرة إلی وجود الموضوع
وهی من أهمّ المقدّمات ، ثمّ أنّ القضیة تنقسم إلی الموجبة والسالبة وکلّ واحدة منهما إلی البسیطة والمرکّبة ، والکلّ إلی المحصّلة والمعدولة . وحینئذٍ فبما أنّ ثبوت شیء لشیء فرع ثبوت المثبت له فلا محیص فی الموجبة من وجود موضوع فی ظرف ثبوت الحکم حتّی یصحّ الحکم ویحکم بالصدق .
وما ذکرنا من القاعدة الفرعیة حکم بتّی لا یقبل التخصیص ، فلا فرق بین أن یکون الثابت أمراً وجودیاً کما فی الموجبة المحصّلة ، أو أمراً غیر وجودی کما فی الموجبة المعدولة ، نحو «زید لا قائم» والموجبة السالبة المحمول ـ وهو ما یجعل فیه السالبة المحصّلة نعتاً للموضوع ـ نحو زید هو الذی لیس بقائم .
[[page 195]]وجه عدم الفرق هو أنّه کما اعتبر الاتّحاد والهوهویة بین زید وقائم فی الموجبة المحصّلة کذلک اعتبرت الهوهویة بین زید وعنوان اللا قیام ؛ إذ لابدّ من نحو تحقّق للمتّحدین فی ظرف الاتّحاد .
ولهذا قلنا فی محلّه : أنّ القضیة المعدولة لا تعتبر إلاّ إذا کانت الأعدام فیها من قبیل أعدام الملکات ؛ حتّی یکون لملکاتها نحو تحقّق ، فیقال : «زید لا بصیر» أو «أعمی» ، ولا یقال : «الجدار لا بصیر» أو «أعمی» ؛ لتحقّق ما به الاتّحاد فی الأوّل دون الثانی .
وقس علیه الموجبة السالبة المحمول ؛ إذ هی ترجع إلی نحو اتّحاد أو توصیف وله نحو ثبوت ، فلابدّ من نحو وجود حتّی یصحّ ذلک .
فظهر : أنّ الموجبات تفتقر فی صدقها إلی وجود الموضوع فی جمیع أقسامها ، وهو واضح .
[[page 196]]