المقام الرابع

کد : 147673 | تاریخ : 21/01/1394

المقام الرابع :‏ فی النهی المتعلّق بالمعاملات مع إحراز حال النهی ، وهو‏‎ ‎‏علی أقسام ، کالنهی المتعلّق بالعبادة :‏

منها :‏ مـا إذا تعلّق النهی التنزیهی أو الغیری بها ، فلا إشکال فی عـدم‏‎ ‎‏اقتضائها الفساد .‏

ومنها :‏ النهی التحریمی ، فإن تعلّق بنفس السبب وبصدور هذا اللفظ بنفسه أو‏‎ ‎‏صدوره بعنوان إیقاع المعاملة ـ فلا یقتضی الفساد عقلاً ؛ لأنّ حرمة التلفّظ بشیء‏‎ ‎‏ومبغوضیته لا یقتضی حرمة أثره وفساد مسبّبه وعدم تأثیره فیه ، ولو تعلّق به لا بما‏‎ ‎‏هو فعل مباشری ، بل بما أنّ مسبّبه مبغوض ـ کبیع المسلم من الکافر ؛ فإنّ‏‎ ‎‏المبغوض مملوکیته له ـ فالظاهر أنّه أیضاً لا یدلّ علی الفساد ؛ لعدم المنافاة بین‏‎ ‎‏المبغوضیة ووقوع المسبّب غیر العبادی .‏


‎[[page 80]]‎ونسب إلی الشیخ الأعظم :‏ التفصیل فی هذا القسم بین کون الأسباب عقلیة‏‎ ‎‏کشف عنها الشارع فتصحّ المعاملة ویجبر الکافر بإخراج المسلم عن ملکه ، وبین‏‎ ‎‏کون الأسباب شرعیة ، فیبعد جعله السبب مع مبغوضیة مسبّبه‏‎[1]‎‏ .‏

قلت :‏ الظاهر أنّ مراده من کون الأسباب عقلیة هو کونها عقلائیة ؛ إذ‏‎ ‎‏لا یتصوّر للسبب العقلی الاعتباری هنا معنی سوی ماذکرنا . وعلیه یرجع الکلام إلی‏‎ ‎‏أنّ النهی عن السبب لمبغوضیة مسبّبه هل یکون رادعاً عن المعاملة العقلائیة أو لا ؟‏‎ ‎‏والتحقیق هو الثانی .‏

‏وکذا إن قلنا بمجعولیة السبب شرعاً ؛ لعدم المنافاة بین مبغوضیة المسبّب‏‎ ‎‏وتأثیر السبب ، فلا یرفع الید عن أدلّة السببیة لأجل مبغوضیة المسبّب .‏

‏وما ذکره ‏‏قدس سره‏‏ من أنّ جعل السبب بعید مع مبغوضیة متعلّقه غیر مجدٍ ؛ لأنّ‏‎ ‎‏الجعل لم یکن مقصوراً بهذا المورد الخاصّ حتّی یتمّ ما ذکره من الاستبعاد ، بل‏‎ ‎‏الجعل علی نحو القانون الکلّی الشامل لهذا المورد وغیره . نعم اختصاص المورد‏‎ ‎‏بالجعل مع مبغوضیة مسبّبه بعید .‏

‏وأمّا لو تعلّق النهی بالتسبّب بسبب خاصّ إلی المسبّب بحیث لا یکون‏‎ ‎‏المسبّب مبغوضاً بل نفس التسبّب ، وذلک کالظهار ؛ فإنّ التفریق لیس مبغوضاً فی‏‎ ‎‏الجملة إلاّ أنّ التوصّل به له مبغوض فی نظر الشارع ، فهو مثل ما تقدّم فی أنّه‏‎ ‎‏لایقتضی الفساد ؛ لعدم المنافاة بینهما .‏

‏وربّما یقال : إنّه مع مبغوضیة حصول الأثر بذاک السبب لا یمکن إمضاء‏‎ ‎‏المعاملة ، وهو مساوق للفساد .‏


‎[[page 81]]‎‏وفیه : أنّه لَمْ أتحقّق مساوقته للفساد ؛ إذ أیّ منافاة بین تحقّق المسبّب‏‎ ‎‏غیر المبغوض وبین حرمـة التسبّب ؛ فإنّ الحیازة تتحقّق ولـو بالآلـة الغصبیة‏‎ ‎‏المحرّمـة تکلیفاً .‏

‏أضف إلی ذلک : أنّ المعاملات عقلائیة ، والعقلاء علی أثر ارتکازهم وبنائهم‏‎ ‎‏حتّی یردع عنه الشارع ، ومثل ذلک لا یعدّ ردعاً کما لا یعدّ مخصّصاً ولا مقیّداً لما‏‎ ‎‏دلّ علی جعل الأسباب الشرعیة بنحو القانون ، کما عرفت .‏

بقی هنا قسم من التحریمی ؛‏ وهو أنّه إذا تعلّق النهی بالمعاملـة لأجل‏‎ ‎‏مبغوضیة ترتیب الآثار المطلوبة علیها لا إشکال فی دلالته علی الفساد ؛ لأنّ حرمة‏‎ ‎‏ترتیب الأثر علی معاملة مساوقة لفسادها عرفاً .‏

هذا کلّه‏ لو اُحرز کون النهی التحریمی متعلّقاً بأحد العناوین المتقدّمة ؛ من‏‎ ‎‏تعلّقه بنفس السبب بما أنّه فعل مباشری ، أو بما أنّ مسبّبه مبغوض ، ومن تعلّقه‏‎ ‎‏بالتسبّب بالسبب الخاصّ ، أو بالمعاملة لأجل حرمة ترتیب الأثر .‏

‏وأمّا إذا لم یحرز أحد العناوین ـ وإن اُحرز کونه تحریمیاً ـ فعن الشیخ‏‎ ‎‏الأعظم دعوی ظهور تعلّقه بصدور الفعل المباشری‏‎[2]‎‏ . وفیه إشکال ؛ لو لم نقل أنّه‏‎ ‎‏أبعد الاحتمالات فی نظر العرف والعقلاء .‏

‏والتحقیق : ظهوره فی حرمـة ترتیب الأثر ؛ لأنّـه لا ینقدح فی نظر العرف‏‎ ‎‏مـن قوله «لا تبع مـا لیس عندک» علی فرض إحـراز کون النهی فیه للتحریم‏‎ ‎‏حرمـة التلفّظ بالألفاظ الخاصّـة ؛ لأنّها آلات لا ینظر فیها ، ولا حرمـة المسبّب‏‎ ‎‏الـذی هـو أمـر عقلائی ولا یکون مبغوضاً نوعـاً ، ولا التسبّب بها إلی المسبّب ، بل‏
‎[[page 82]]‎‏ینقدح أنّ الغرض مـن النهی هـو الزجـر عـن المعاملـة بلحاظ آثارها ؛ فالممنوع‏‎ ‎‏هـو ترتیب الآثار المطلوبة علیها کسائر معاملاتهم ، وهو مساوق للفساد ، فتدبّر .‏

‎ ‎

‎[[page 83]]‎

  • )) مطارح الأنظار : 163 / السطر28 .
  • )) مطارح الأنظار : 164 / السطر7 .

انتهای پیام /*