المقام الأوّل : فیما إذا تعلّق النهی بمعاملة مع عدم إحراز کونه من أیّ أقسامه ، فلاینبغی الإشکال فی ظهور النهی فی الإرشاد إلی الفساد ؛ لأنّ إیقاع المعاملة لمّا کان لأجل توقّع تحقّقها وترتّب الآثار علیها وتکون الأسباب آلات صرفة لها لا یفهم العرف من النهی عنه إلاّ ذلک .
[[page 76]]فإذا ورد «لا تبع ما لیس عندک» أو «لا تبع المصحف من الکافر» یفهم العرف منه الإرشاد إلی عدم صحّة البیع لا تحریم السبب ؛ لأنّ الأسباب آلات لتحقّق المسبّبات ، ولا تکون منظوراً إلیها حتّی یتعلّق بها النهی . هذا ، مع بعد تعلّق النهی والحرمة بالتلفّظ بألفاظ الأسباب .
وأمّا المسبّب فهو اعتبار شرعی أو عقلائی ، لا معنی لتعلّق النهی به .
وأمّا الآثار المترتّبة علیها فیبعد تعلّقه بها ذاتاً ؛ لأنّه مع تأثیر السبب لا معنی للنهی ، ومع عدم تأثیره یکون التصرّف فی مال الغیر أو وطی الأجنبیة وأمثال ذلک محرّمة لا تحتاج إلی تعلّق النهی بها ، فلابدّ من حمله علی الإرشاد إلی الفساد ، وأنّ النهی عن الإیقاع لأجل عدم الوقوع ، کما هو المساعد لفهم العرف .
فتلخّص : أنّ النهی عن معاملة مع قطع النظر عن القرائن الصارفة ظاهر فی الإرشاد إلی أنّ الأثر المتوقّع منها لا یترتّب علیها ، وهذا هو الفساد .
لا یقال : إنّ النهی فیها منصرف إلی ترتیب الآثار ، فقوله «لا تبع المجهول» مثلاً منصرف إلی حرمة ترتیب الآثار علی بیعه ، وهذا هو النهی الوضعی .
لأنّا نقول : نمنع الانصراف هنا ، بل لا موجب له ؛ إذ هو یستدعی رفع الید عن ظاهر العنوان ، بل الظاهر أنّ النهی متعلّق بإیقاع الأسباب ، لکن لا إلی ذاتها بما هی هی ، بل بداعی الإرشاد إلی عدم التأثیر .
[[page 77]]