متعلّق الطلب فی النهی

کد : 147710 | تاریخ : 23/01/1394

متعلّق الطلب فی النهی

‏ ‏

‏المشهور بین الأعلام ـ منهم المحقّق الخراسانی‏‎[1]‎‏ ـ أنّ النهی کالأمر فی‏‎ ‎‏دلالته علی الطلب ، غیر أنّ متعلّقه هو الترک ونفس أن لا تفعل .‏

والتحقیق :‏ امتناع ذلک ثبوتاً ، ومخالفته لظواهر الکلام إثباتاً :‏

أمّا الأوّل :‏ فلأنّ الإرادة لا تتعلّق بشیء إلاّ بعـد حصول مبادئها ؛ مـن‏‎ ‎‏التصـوّر والتصدیق بالفائـدة والاشتیاق إلیه أحیاناً ، بل هـذه المبادئ من علل‏‎ ‎‏حصول الإرادة ووجـودها . وحینئذٍ : فالعدم والترک من الاُمور الباطلة الوهمیة ،‏‎ ‎‏لا یمکـن أن یکون ذا مصلحـة تتعلّق بـه اشتیاق وإرادة أو بعث وتحریک ؛ إذ‏‎ ‎‏البطلان المحض لا یترتّب علیه أثر حتّی یقع مورد التصدیق بالفائدة ، وقـد‏‎ ‎‏عرفت‏‎[2]‎‏ أنّ ما هـو المشهور مـن أنّ للأعدام المضافة حظّاً من الوجـود ممّا‏‎ ‎‏لا أصل له ؛ إذ الوجود لملکاتها لا لأعدامها .‏


‎[[page 9]]‎‏وأوضح بطلاناً ما ربّما یقال : بتعلّق الطلب ببعض الأعدام وجداناً ؛ لأنّ ذلک‏‎ ‎‏مغالطة ، وحصلت من أخذ ما بالعرض مکان ما بالذات ؛ لأنّه قد یکون وجود شیء‏‎ ‎‏مبغوضاً لفساد فیه ، فینسب المحبوبیة إلی عدمه عرضاً بعد تصوّره بالحمل الأوّلی .‏‎ ‎‏وبالجملة فالأمر أوضح من أن یحتاج إلی البیان .‏

‏وبذلک یظهر : أنّ النزاع الدائر بین قدماء الاُصولیین من أنّ متعلّق النهی هل‏‎ ‎‏هو الکفّ أو نفس أن لا تفعل ؛ ظانّین أنّ الحقّ منحصر فیهما‏‎[3]‎‏ لیس کما ینبغی ، بل‏‎ ‎‏هنا وجه آخر ، کما سیوافیک بیانه .‏

وأمّا مخالفته للظواهر إثباتاً‏ فلأنّ النهی کالأمر ینحلّ إلی مادّة وهیئة ، والمادّة‏‎ ‎‏تدلّ علی نفس الماهیة ، والهیئة تدلّ علی الزجر عن الماهیة أو عن إیجادها بالمعنی‏‎ ‎‏الحرفی کما سبق‏‎[4]‎‏ ، ولیس هناک شیء یدلّ علی الترک والعدم ؛ لا مادّة ولا هیئة .‏

والتحقیق‏ ـ کما هو المتبادر من النواهی ـ أنّ مادّتها هی مادّة الأوامر ، لا تدلّ‏‎ ‎‏إلاّ علی نفس الطبیعة ، ولکن مفاد هیئة الأمر هو البعث والتحریک تشریعاً ، ومفاد‏‎ ‎‏هیئة النهی هو الزجر والمنع عن الطبیعة تشریعاً وقانوناً .‏

والسرّ فی ذلک :‏ أنّ ملاک الأمر هو اشتمال المتعلّق علی مصلحة ملزمة ، کما‏‎ ‎‏أنّ ملاک الآخر هو اشتمال وجود الطبیعة علی مفسدة شخصیة أو نوعیة ، فکما أنّ‏‎ ‎‏مقتضی الأوّل هو التحریک لاستیفائها کذلک مقتضی الثانی هو زجره ومنعه عن‏‎ ‎‏إیجادها . والمناسب مع اشتمال الطبیعة علی المفسدة هو الزجر عنها ، لا طلب ترکها‏‎ ‎‏والبعث إلی استمرار عدمها ؛ إذ هذا أشبه شیء بالأکل عن القفاء ، کما لا یخفی .‏


‎[[page 10]]‎‏ویؤیّد ما ذکرنا : التفحّص حول سائر اللغات ؛ فإنّ مرادف قولنا لا تضرب فی‏‎ ‎‏الفارسیة کلمة «نزن» ولیس مفاده عرفاً وتبادراً إلاّ ماذکرنا . علی أنّه لو صرّح‏‎ ‎‏بطلب العدم لابدّ من تأویله لما عرفت من امتناع تعلّق الإرادة به .‏

‎ ‎

‎[[page 11]]‎

  • )) کفایة الاُصول : 182 .
  • )) تقدّم فی الجزء الأوّل : 411 .
  • )) راجع معالم الدین : 90 ـ 91 .
  • )) تقدّم فی الجزء الأوّل : 191 .

انتهای پیام /*