المقصد السابع فی الاُصول العملیة

ذکر مناصب الفقیه

کد : 147808 | تاریخ : 26/01/1394

ذکر مناصب الفقیه

‏ ‏

‏قال دام ظلّه : إنّ دین الإسلام من أثبت الطرق دعائمه ، وأوضح المذاهب‏‎ ‎‏شوارعه ، عزّز جامعة البشر ـ فی أحوج أوقاتها إلی مصلح یهدیها بعلمه الجمّ إلی‏‎ ‎‏طریق الصلاح ، ویضمّن لها نتائج النجاح ـ بوضع قوانین کلّیة ودستورات واضحة ،‏‎ ‎‏یحصل بها حیاتها وتتکفّل سعادتها الفردی والاجتماعی .‏

ثمّ إنّ من أهمّ ما یحتاج إلیه البشر‏ فـی حفظ نوامیسه ونفوسه واجتماع شتات‏‎ ‎‏اُمـوره ومتفرّقاته هو جعل قائد بینهم یجـب علی الکـلّ إطاعة قوله وتبعیـة فعله ؛‏‎ ‎‏وهو الذی یعبّر عنه فی لسان الشرع والمتشرّعة بـ «الحاکم والسائس» .‏

‏فللحرص علی هذا النظام البشری والترتیب المدنی أصدرت حکومة الشرع‏‎ ‎‏العالیة قانون الحکومة ، فعیّنت لاُمّهات المناطق حکّاماً کباراً یضمّنون سیاسة‏‎ ‎‏المنطقة فی داخلها وخارجها ، ویحفظون توازن الجمعیة فی کافّة حرکاتها ؛ حفظاً‏‎ ‎‏لها عن التلف والاندحار وسفک الدماء وقتل النفوس وتطرّق اللصوص إلیها من‏‎ ‎‏داخل وخارج ؛ حتّی ینتظم اُمورهم وینضبط کیانهم ومدنیتهم .‏

کما أنّ من مقتضیات القوی النفسانیة ‏المیل والتوجّه إلی القوی النفسانیة ،‏‎ ‎‏والاحتـراز والتباعـد عـن المضارّ . وذلک یوجب نـزاعاً فی الحقـوق والأمـوال ،‏
‎[[page 563]]‎‏وربّما ینجرّ إلی الحرب والاحتدام .‏

‏فلدفع هذه المفسدة عیّن الشارع الصادق فی کلّ صقع وجیل مَن یتّبع قوله‏‎ ‎‏فی حلّ خصوماتهم ومرافعاتهم ؛ لیکون قوله نافذاً وأمره قاضیاً . وهذا ما یعبّر عنه‏‎ ‎‏فی لسان الشرع وأئمّة الدین بـ «القاضی» .‏

‏وکلّ من هذین الأمرین راجع إلی کیفیة معاشهم فی أدوار حیاتهم ؛ لیخرجوا‏‎ ‎‏عن الوحشیة إلی المدنیة ؛ حتّی یتمّ نظامهم بأحسن صورة وأدقّ معانیه .‏

وهاهنا مقام ثالث وراء ما تقدّم ؛‏ أعنی به مقام الإفتاء ؛ فإنّ الأحکام الشرعیة‏‎ ‎‏بأبوابه الأربعة ـ من عبادات ومعاملات وإیقاعات وسیاسات ـ لمّا کان أمراً نظریاً‏‎ ‎‏محتاجاً إلی التعلّم والتعلیم ، ولایمکن لکلّ واحد منّا عرفانها عن مآخذها العلمیة‏‎ ‎‏ومدارکها المتقنة ـ فإنّ ذلک یعوّق الإنسان عن مهامّ اُموره الدنیویة ـ أرجع نظام‏‎ ‎‏الإفتاء إلی فقیه عالم بشرائع دینه ومذهبه ؛ وهذا هو الذی یدور فی ألسنة المتشرّعة‏‎ ‎‏بـ «المفتی» ؛ لیکون مرجعاً لأخذ الأحکام .‏

‏ولمّا لم یکن کلّ فرد لائقاً للجلوس علی منصّة هذه المناصب الخطیرة‏‎ ‎‏والمقامـات المهمّـة حـدّد الشارع هـذا المقام بحـدود وقیود ، بحث عنها‏‎ ‎‏الأساطیـن فـی کتبهم .‏

‏ولا یناسب البحث عن عامّتها وضع الرسالة ، إلاّ البحث عن شرطیة الاجتهاد‏‎ ‎‏لمن یتکفّل هذه المناصب ، وأمّا بیان سائرها ـ من عدالة وحرّیة ورجولیة ـ‏‎ ‎‏فموکولة إلی محلّها .‏

‎ ‎

‎[[page 564]]‎

انتهای پیام /*