المقصد السابع فی الاُصول العملیة

کلام المحقّق النائینی فیما تحقّق به الزیادة

کد : 147878 | تاریخ : 26/01/1394

کلام المحقّق النائینی فیما تحقّق به الزیادة

‏ ‏

‏فاتّضح : أنّ طریق الحلّ هو حمل روایة أبی بصیر المتقدّمة وهذه الروایة‏‎ ‎‏لأجل هاتیک القرائن أو بعض العویصات علی زیادة الرکعة أو الرکوع ، فتدبّر ،‏‎ ‎‏وراجع کلام بعض أعاظم العصر ؛ فقد أتی بأمر غریب عند بیان النسبة بینه وبین‏‎ ‎‏القاعدة ، ولانطیل بذکره . بل نتعرّض لما أفاده فی تکملة البحث ؛ حیث إنّه بعد ما‏‎ ‎‏بیّن ما یصدق علیه الزیادة وما لایصدق قال ما هذا محصّله :‏

‏إنّ الظاهر من التعلیل فی بعض الأخبار الناهیة عن قراءة العزیمة فی الصلاة‏‎ ‎‏من ‏«أنّ السجود زیادة فی المکتوبة»‎[1]‎‏ : أنّه لایعتبر فی صدقها عدم قصد الخلاف ،‏‎ ‎
‎[[page 386]]‎‏بل الإتیان بمطلق مسانخ أفعال الصلاة زیادة .‏

‏ولکن یمکن أن یقال : إنّ المقدار المستفاد منه صدق الزیادة علی ما لایکون‏‎ ‎‏له حافظ وحدة ، ولم یکن بنفسه من العناوین المستقلّة ، وأمّا ما کان کذلک ـ کإتیان‏‎ ‎‏صلاة فی أثناء الظهر ـ فالظاهر عدم اندراجه فیه ؛ لأنّ السجود والرکوع المأتی بهما‏‎ ‎‏لصلاة اُخری لا دخل لهما بصلاة الظهر ، ولاتصدق علیهما الزیادة فیها .‏

‏ویؤیّده ـ بل یدلّ علیه ـ ما ورد فی بعض الأخبار : أنّه لوضاق وقت صلاة‏‎ ‎‏الآیات وخاف المکلّف أنّه لو أخّرها إلی الفراغ عن الیومیة یفوت وقتها ، صلاّها فی‏‎ ‎‏أثناء الصلاة الیومیة ، ویبنی علیها بعد الفراغ من الآیات من غیر استئناف . ولیس‏‎ ‎‏ذلک إلاّ لعدم صدق الزیادة .‏

‏فیمکن التعدّی إلی عکس المسألة بإتیان الصلاة الیومیة فی أثناء الآیات فی‏‎ ‎‏ضیق الوقت ؛ فإنّ بطلان الآیات : إمّا للزیادة فالمفروض عدم الصدق ، وإمّا لفوات‏‎ ‎‏الموالاة فلا ضیر فیه إذا کان لأجل واجب أهمّ . وعلی هذا یبتنی جواز الإتیان‏‎ ‎‏بسجدتی السهو من صلاة فی أثناء صلاة اُخری‏‎[2]‎‏ ، انتهی .‏

وفیه مواقع للنظر :

‏أمّا أوّلاً :‏‏ فلأنّ کون الشیء ذا عنوان مستقلّ لا دخل له فی صدق الزیادة ؛‏‎ ‎‏ضرورة أنّ العرف یفهم بعد الوقـوف علی التعلیل الوارد فی النهی عـن السجود‏‎ ‎‏لأجـل قراءة العزیمة مـن أنّـه زیادة فی المکتوبـة : أنّ الإتیان بصلاة تامّـة‏‎ ‎‏مشتملـة علی التکبیر والسجود والرکوع والتشهّد والتسلیم أیضاً لایجوز ؛ لأنّها‏‎ ‎‏زیادة فی المکتوبة .‏


‎[[page 387]]‎‏وأمّا ما قدّمناه‏‎[3]‎‏ من أنّه یشترط فی الزائد الإتیان بها بقصد کونه من الصلاة‏‎ ‎‏فلا تشمل ما إذا أتی به بغیر هذا القصد ؛ فإنّما هو مع قطع النظر عن هذا التعلیل ،‏‎ ‎‏وأمّا بناءً علی الأخذ بهذا التعلیل فهو عامّ شامل لما أتی به بقصد کونها من الصلاة‏‎ ‎‏أولا ، کان له عنوان مستقلّ أولا .‏

وثانیاً :‏ أنّه لم یعلم الفرق بین الصلاة وسجدة العزیمة ، مع أنّ الثانی له أیضاً‏‎ ‎‏عنوان مستقلّ ، وله حافظ وحدة ، وکلاهما مسبّبان عن سبب خاصّ ؛ فإنّ السجدة‏‎ ‎‏مسبّبة عن تلاوة آیتها کالصلاة المسبّبة عن سببها الخاصّ .‏

وثالثاً :‏ أنّ التفریق بین سجدة العزیمة وسجدتی السهو ـ حیث یظهر منه عدم‏‎ ‎‏إبطال الثانی دون الأوّل ـ غیر واضح ، مع أنّ الثانی أولی بالإبطال ؛ لأنّهما أشبه‏‎ ‎‏شیء بعدم الاستقلال . ومع غضّ البصر فهما وسجدة العزیمة سیّان فی الاستقلال‏‎ ‎‏وعدمه ، ولکلّ واحد سببه الخاصّ .‏

ورابعاً :‏ أنّ ما ذکره من التمسّک ببعض الروایات من إقحام الآیات فی الیومیة‏‎ ‎‏إذا ضاق وقتها غیر صحیح ؛ فإنّ الأخبار قد وردت فی عکس ما ذکره من إقحام‏‎ ‎‏الیومیة فی الآیات إذا ضاق وقتها‏‎[4]‎‏ ، ولا یجوز قیاس الآیات بها ؛ لجواز أن یکون‏‎ ‎‏للآیات خصوصیة یجوز معها إقحام الیومیة فیها ، دون العکس .‏

وخامساً :‏ أنّ التعدّی إلی عکس المسألـة حسب فرضه ـ قائلاً بأنّ البطلان‏‎ ‎‏إمّا للزیادة فلا تصدق بالفرض ، وإمّا لفوات الموالاة فلا ضیر ؛ لأهمّیـة الفریضـة ـ‏‎ ‎‏غیر تامّ ؛ لأنّ أهمّیة الفریضة لاتوجب سقوط الموالاة إذا دلّ الدلیل علی اعتبارها‏‎ ‎
‎[[page 388]]‎‏مطلقاً ، بل غایـة ذلک أنّها توجب تقدیم الأهـمّ علی المهمّ ، والإتیان به بعد الفراغ‏‎ ‎‏مـن الأهمّ .‏

‏نعم ، علی فرض ورود الدلیل علی طبق ما زعمه لایبعد إلغاء الخصوصیة‏‎ ‎‏عرفاً بالنسبة إلی سائر الفرائض .‏

‏وأنت خبیر : أنّ السبب الباعث لهذه الاشتباهات هو الاعتماد علی الحافظة‏‎ ‎‏فی نقل الروایات والاستدلال بها من غیر مراجعة الاُصول والجوامع ، وکم وقفنا‏‎ ‎‏علی نظائر هذه الاشتباهات من الأعاظم ! وکان السبب الباعث ما ذکر من الاعتماد‏‎ ‎‏علی الحافظة .‏

‏فلازم علی روّاد الحقیقة وطلاّبها أن یراجعوا فی کلّ ما ینقلونه ویستدلّون به‏‎ ‎‏ـ من جلیل وحقیر ـ علی المصادر الأوّلیة المؤلّفة بید الأعلام ، بل جدیر أن لا‏‎ ‎‏یکتفی بـ «الوسائل» ونحوه إذا أمکن الرجوع إلی الجوامع الأربعة .‏

‎ ‎

‎[[page 389]]‎

  • )) الکافی 3 : 318 / 6 ، وسائل الشیعة 6 : 105 ، کتاب الصلاة ، أبواب القراءة فی الصلاة ، الباب 40 ، الحدیث 1 .
  • )) فوائد الاُصول (تقریرات المحقّق النائینی) الکاظمی 4 : 242 ـ 243 .
  • )) تقدّم فی الصفحة 374 .
  • )) راجع وسائل الشیعة 7 : 490 ، کتاب الصلاة ، أبواب صلاة الکسوف والآیات ، الباب 5 ، الحدیث 2 ـ 4 .

انتهای پیام /*