المقصد السابع فی الاُصول العملیة

تفصیل المحقّق الهمدانی فی المقام

کد : 147982 | تاریخ : 27/01/1394

تفصیل المحقّق الهمدانی فی المقام

‏ ‏

‏ثمّ إنّ المحقّق صاحب «المصباح» فصّل فی «تعلیقته» و«مصباحه» بین‏‎ ‎‏الأحکام فی المقام ، فقال : إنّ مقتضی القاعدة هو التفکیک بین الآثار ؛ فما کان منها‏‎ ‎‏مترتّباً علی عدم کون اللحم مذکّی ـ کعدم الحلّیة وعدم جواز الصلاة فیه ، وعدم‏‎ ‎‏طهارته وغیر ذلک من الأحکام العدمیة التی تنتزع من الأحکام الوجودیة التی‏‎ ‎‏تکون التذکیة شرطاً فی ثبوتها ـ فیترتّب علیه ، فیقال : الأصل عدم تعلّق التذکیة‏‎ ‎‏بهذا اللحم الذی زهق روحه ، فلا یحلّ أکله ولا الصلاة فیه ولا استعماله فیما‏‎ ‎‏یشترط بالطهارة .‏

‏وأمّا الآثار المترتّبة علی کونه غیر مذکّی ، کالأحکام الوجودیة الملازمة لهذه‏‎ ‎‏العدمیات ـ کحرمة أکله أو نجاسته أو تنجیس ملاقیه أو حرمة الانتفاع ببیعه أو‏‎ ‎‏استعماله فی سائر الأشیاء الغیر المشروطة بالطهارة ، کسقی البساتین وغیر ذلک من‏‎ ‎‏الأحکام المتعلّقة بعنوان المیتة أو کونه غیر مذکّی ـ فلا‏‎[1]‎‏ ، انتهی .‏

ولا یخفی ما فیه ؛‏ لأنّ موضوع جواز الصلاة والحلّیة وغیرهما هو المذکّی ؛‏‎ ‎‏أی الحیوان الذی زهق روحه بالأسباب المقرّرة الشرعیة .‏

‏فحینئذٍ إن أراد بالأصل المذکور استصحاب نفی تعلّق التذکیة علی نحو‏‎ ‎‏السلب التحصیلی الأعمّ من وجود الموضوع فهو غیر مفید ؛ لأنّه بهذا المعنی العامّ‏‎ ‎‏لیس موضوعاً لحکم من الأحکام .‏

‏وإن أراد به أصالة عدم تعلّقها علی الحیوان الموجود الذی زهق روحه بنحو‏
‎[[page 140]]‎‏السلب التحصیلی عن الموضوع المحقّق ، فیقال : إنّ الأصل فی الحیوان الذی زهق‏‎ ‎‏روحه أن یکون بلا تعلّق أسباب شرعیة فلا حالة سابقة له .‏

‏وإن أراد استصحاب عدم تحقّق التذکیة بنحو السلب الأعمّ التحصیلی لنفی‏‎ ‎‏الأحکام المذکورة بعد زهوق روحه فیرد علیه : أنّ استصحاب العنوان العامّ الذی‏‎ ‎‏یتحقّق فی ضمن أفراد طولیة أو عرضیة لا یوجب إلاّ ترتیب آثار ذلک العنوان ،‏‎ ‎‏دون آثار الفرد الذی من مصادیق ذلک العنوان ؛ فإنّه بالنسبة إلی آثار الفرد من‏‎ ‎‏الاُصول المثبتة .‏

‏ألا تری أنّ استصحاب بقاء الحیوان المردّد بین البقّ والفیل بعد سنة لا یثبت‏‎ ‎‏إلاّ آثار ذلک العنوان ، لا ما هو أثر للفرد الطویل العمر من الحیوان ، ومثله المقام ؛‏‎ ‎‏فإنّ عدم تحقّق التذکیة یصدق تارة مع ما إذا لم یکن حیوان فی البین ، واُخری ما إذا‏‎ ‎‏کان ولکنّه بعد حیّ یأکل ویمشی ، وثالثة إذا زهق روحه ولکن لا بالأسباب المعیّنة‏‎ ‎‏المقرّرة فی شریعة الإسلام ، فهو صادق مع عدم الحیوان ، ومع وجوده بوصف‏‎ ‎‏الحیاة ، ومع زهوق روحه لا بالأسباب المقرّرة .‏

‏فحینئذٍ : فما هو الموضوع لتلک الأحکام الوجودیة التی نرید رفعها برفع‏‎ ‎‏أسبابها لیس مطلق عدم التذکیة بقول مطلق ؛ حتّی مع عدم وجوده أو کونه حیّاً ؛‏‎ ‎‏لعدم الموضوع فی الأوّل ، وکونه طاهراً فی زمن الحیاة ، وعدم الدلیل علی عدم‏‎ ‎‏الحلّیة فی حالها ، بل الموضوع هو الفرد الثالث .‏

‏فما هو الموجب لعدم الحلّیة والطهارة إنّما هو زهوق الروح لا بالآلات‏‎ ‎‏والشرائط المقرّرة ، کما أنّ الموجب لهما هو وجود التذکیة بالنحو المذکور .‏

‏فحینئذٍ : فانطباق ذلک المستصحب علی الفرد الثالث عقلی محض ؛ للعلم‏‎ ‎‏بوجوده وزهوقه ، فیتعیّن الثالث ، وهذا هو المراد بالمثبتیة .‏


‎[[page 141]]‎‏وإن شئت قلت : جرّ العدم المحمولی الذی یجتمع مع عدم الموضوع إلی‏‎ ‎‏زمان حیاته لا یثبت العدم الرابط ؛ أعنی کون هذا الحیوان لم یتعلّق به التذکیة مع‏‎ ‎‏شرائطها .‏

وتوهّم :‏ أنّ العدم المحمولی وإن لم یکن ذا أثر حدوثاً ؛ أی فیما إذا تحقّق‏‎ ‎‏فـی ضمن الفـردین الأوّلین ، إلاّ أنّـه ذو أثر بقاءً ؛ أی فیما إذا تحقّق فـی ضمن‏‎ ‎‏الفرد الثالث .‏

مدفوع ؛‏ بأنّه خلط بین أثر نفس العامّ وأثر الفرد ؛ فإنّ الحلّیة والطهارة من‏‎ ‎‏آثار الحیوان الذی وردت علیه التذکیة بشرائطها ، والغرض من الاستصحاب هو‏‎ ‎‏رفع تلک الآثار برفع أسبابها .‏

‏والعدم المحمولی إن اُرید منه رفع الآثار ـ ولو مع عدم موضوعه أو لعدم‏‎ ‎‏زهوق روحه ـ فلیس بمفید ؛ لما تقدّم . وإن اُرید رفعها باعتبار الفرد الثالث فانطباقه‏‎ ‎‏علیه بعد العلم بانتفاء الأوّلین عقلی محض .‏

‏هذا کلّه فیما إذا کان منشأ الشکّ الشکّ فی قابلیة الحیوان للتذکیة ؛ سواء‏‎ ‎‏کانت الشبهة من جهة الاشتباه المفهومی أو لا .‏

‏ولنختم البحث ببیان الشبهة الموضوعیة .‏

‏ ‏

‎ ‎

‎[[page 142]]‎

  • )) مصباح الفقیه ، الطهارة 8 : 378 ، حاشیة فرائد الاُصول ، المحقّق الهمدانی : 388 .

انتهای پیام /*