الوجه الثانی :
حاصله: أنّ الموجود الخارجی الذی یکون بالحمل الشائع نداء ـ مثلاً ـ
[[page 135]]لایتحقّق فی الخارج إلاّ بنفس استعمال اللّفظ فیه، فیتأخّر عن الاستعمال فیه طبعاً، أو بملاک العلّیّة والمعلولیّة، ولا ریب فی أنّ المستعمل فیه تقدّم علی الاستعمال بالطبع، فإذا کان هذا الموجود الناشئ من نفس الاستعمال هو المستعمل فیه، لزم أن یکون هذا الوجود الجزئی ـ فی آنٍ واحد ـ متقدّماً رتبة علی الاستعمال، ومتأخّراً عنه رتبة، وهو خُلف.
وبالجملة: یلزم تقدّم الشیء علی نفسه.
وفیه: أنّ تحقّق المعنی الخارجی بالاستعمال مُسلَّم، ولکن لا دلیل علی أنّ استعمال اللّفظ فی المعنی لابدّ وأن یکون متأخّراً عن المعنی، وأظنّ أنّ منشأ توهّم ذلک هو قولهم: استعمال اللّفظ فی المعنی، فتوهّم أنـّه یلزم أن یکون المعنی شیئاً لیستعمل فیه؛ قضاء لحقّ الظرفیّة، مع أنّ الاستعمال طلب عمل اللّفظ فی المعنی، وإلقاء اللّفظ لإفهام المعنی، والمعنی لا یخلو: إمّا أن یکون حکائیّاً، أو إیجادیّاً.
[[page 136]]