المقصد الأوّل فی الأوامر

تکملة‏: فی عدم لزوم تحلیل الحرام أو تحریم الحلال فی العمل بالأمارات

کد : 148233 | تاریخ : 29/01/1394

تکملة : فی عدم لزوم تحلیل الحرام أو تحریم الحلال فی العمل بالأمارات

‏ ‏

‏ثمّ إنّه یتوجّه علی القول بالإجزاء فی الطرق والأمارات ـ مضافاً إلیٰ ما تقدّم ـ‏‎ ‎‏الإشکال الذی أورده ابن قبة علی العمل بالطرق والأمارات ؛ من تحلیل الحرام وتحریم‏‎ ‎‏الحلال حسب ما فصّل فی محلّه .‏

‏وغایـة ما تخلّصنا به عـن الإشکال العقلی : هـی أنّه بعـدما کانت الطـرق‏‎ ‎‏والأمارات بمـرئیٰ ومسمـع من الشارع ، وکان یریٰ مخالفتها للواقعیات ، ومـع ذلک‏‎ ‎‏أمضـی العمل بها یستکشف مـن ذلک أنّ الشارع ـ لحِکم ومصالـح ـ رفـع الید عـن‏‎ ‎‏مطلوبه الأعلیٰ إذا أدّت الأمارة علیٰ خلافها ، وذلک إنّما یتـمّ إذا لـم ینکشف الخلاف‏‎ ‎‏إلی الأبـد . وأمّا إذا انکشف فی الوقت أو خارجـه فلا معنیٰ مقبول لرفـع الید عنه .‏

‏وبالجملة : غایـة ما تخلّصنا به عـن المحـذور العقلی الـذی أورده ابن قبـة فی‏‎ ‎‏العمل بالطـرق والأمارات إنّما هـی فیما لم ینکشف الخـلاف فی الوقت وخارجـه ،‏‎ ‎‏وأمّا بعد انکشاف الخلاف فالمحذور باقٍ لو قلنا بالإجزاء .‏

‏فتحصّل من مجموع ما ذکـرناه فی هـذا الموضـع : أنّ مقتضی القاعـدة الأوّلیة‏‎ ‎‏فی العمل بالطـرق والأمارات بعد کشف الخـلاف فی الوقت أو خارجـه هـو القول‏‎ ‎
‎[[page 336]]‎‏بعدم الإجزاء ، إلاّ إذا دلّ دلیل علی الإجزاء‏‎[1]‎‏ .‏

‎ ‎

‎[[page 337]]‎

  • )) قلت : ولسماحة اُستاذنا الأعظم البروجردی مقالاً فی الإجزاء فی الطرق والأمارات ، أشار إلیٰ ضعفه سیّدنا الاُستاذ فی غیر هذه الدورة . ولتکمیل المقال فی مسألة الإجزاء أحببنا الإشارة الإجمالیة إلیٰ ما أفاده وإلیٰ ضعفه :     وحاصل ما أفاده : أنّ الأمارة ـ کخبر الثقة مثلاً ـ وإن کانت بلسان حکایة الواقع ولکنّها بنفسها لیست حکماً ظاهریاً ، بل الحکم الظاهری عبارة عن مفاد دلیل حجّیة الأمارة الحاکمة بوجوب البناء علیها .     وبعبارة اُخریٰ : فرق بین نفس ما تؤدّی عنه الأمارة وتحکیه ، وبین ما هو المستفاد من دلیل حجّیتها ؛ فإنّ خبر زرارة إذا دلّ علیٰ عدم وجوب السورة فی الصلاة ـ مثلاً ـ کان قوله حاکیاً بنفسه عن الواقع ، ـ جعله الشارع حجّة أم لا ـ ولکن الحکم الظاهری فی المقام لیس عبارة عن مقول قول زرارة من عدم وجوب السورة فی الصلاة ، بل هو عبارة عن مفاد أدلّة حجّیة خبر الواحد ؛ أعنی حکم الشارع ـ ولو إمضاءً ـ بوجوب العمل علیٰ طبقه وترتیب الآثار علیٰ ما أخبر به الثقة . فلو انحلّ قوله : «صدّق العادل» مثلاً بعدد الموضوعات کان معناه فیما قام خبر علیٰ عدم وجوب السورة : «ابن علیٰ عدم وجوب السورة» ، وظاهره أنّه إذا صلّیتَ بغیر السورة فقد امتثلت الأمر بالصلاة وکان عملک مصداقاً للمأمور به ، وإن کانت السورة جزءً واقعاً ، انتهی محرّراً(أ) .     وفیه : أنّ ما أفاده ـ مع اعترافه بأنّه لیس للشارع أمارة تأسیسیة ، بل إمضاء لما علیه العقلاء ـ غیر ملائم ؛ وذلک لما تقدّم آنفاً ولعلّه بما لا مزید علیه أنّ وزان الأمارة عند العقلاء وزان القطع من حیث کشفها عن الواقع ومنجّز له عند المصادفة ومعذّر له عند المخالفة . فإذا انکشف الخلاف انتهیٰ أمد العذر ، فیجب إتیان الواقع بالإعادة فی الوقت أو القضاء خارجه .     بل عرفت : أنّه لو فرض أنّ للشارع أمارة تأسیسیة فکذلک ؛ لأنّ معنیٰ تأسیسیة أمارة هوــــــــــــــــــــــــــأ ـ نهایة الاُصول : 144 .ازدیاد الشارع مصداقاً علی المصادیق عند العقلاء بعدما لم تکن موجودة عندهم ، فتکون الأمارة المؤسّسة جاریة مجری الأمارات الدارجة بینهم .     وبالجملة : لسان اعتبار الأمارات التأسیسیة ـ فضلاً عن إمضائیاتها ـ لا تکون لسان تقیید الواقع ، بل مقتضاه تعیین طرق إلیه لم تکن معهودة بینهم ، ویفهم العرف جلیاً من لزوم العمل علیٰ قول الثقة ـ مثلاًـ أنّه بلحاظ کشفه وإراءته للواقع ، من دون أن یکون مقتضاه جعل حکم علیٰ مؤدّاه ، فتدبّر جیّداً . [المقرّر حفظه الله ] .

انتهای پیام /*