المقصد الأوّل فی الأوامر

الأمر الثالث فی فارق المسألة عن المرّة والتکرار‏، وتبعیة القضاء للأداء

کد : 148258 | تاریخ : 29/01/1394

الأمر الثالث فی فارق المسألة عن المرّة والتکرار ، وتبعیة القضاء للأداء

‏ ‏

‏ربّما یتوهّم وحدة مسألة الإجزاء أو عدمه مع مسألة دلالة الأمر علی المرّة أو‏‎ ‎‏التکرار ؛ لأنّ القول بعدم الإجزاء عبارة عن وجوب إتیان المأمور به ثانیاً ، وهو القول‏‎ ‎‏بدلالة الأمر علی التکرار . کما أنّ لازم القول بالإجزاء عدم وجوب إتیانه ثانیاً ، وهو‏‎ ‎‏مقتضی القول بدلالة الأمر علی المرّة ، فالمسألتان ترتضعان من ثدی واحد .‏

‏ولکن الذی یقتضیه التأمّل عدم اتّحاد المسألتین ؛ خصوصاً فیما هو المهمّ فی‏‎ ‎‏مسألة الإجزاء ؛ من إجزاء الإتیان بالمأمور به بالأمر الاضطراری أو الظاهری عن‏‎ ‎‏المأمور به بالأمر الواقعی ، کما لا یخفیٰ .‏

‏نعم ، یمکن أن یقال بمشابهـة المسألتین فیما لم یکـن محطّاً للبحث ، بل کان‏‎ ‎‏البحث فیه تطفّلیاً ؛ وهـو کون الإتیان بکلّ من المأمـور به بالأمر الواقعـی أو‏‎ ‎‏الاضطراری أو الظاهـری هل مسقط ومجـزٍ عن أمر نفسـه ، أم لا ؟ لأنّه إن قیل‏‎ ‎‏بسقوط أمره یشبه القول بدلالـة الأمـر علی المـرّة ، کما أنّه لو قیل بعدم الإجـزاء‏‎ ‎‏یشبه القول بدلالته علی التکرار .‏

‏ولکن ولو کانت بین المسألتین شباهة من وجه وجهة ، إلاّ أنّ الفرق بینهما‏‎ ‎‏أوضح من أن یخفیٰ ؛ وذلک لأنّ البحث فی مسألة المرّة والتکرار فی دلالة لفظ الأمر ،‏‎ ‎‏وأمّا فـی مسألـة الإجزاء فلم یکن فی دلالـة اللفظ ، بل فـی أمـر عقلی کما لا یخفیٰ ،‏‎ ‎‏هـذا أوّلاً .‏

‏وثانیاً : أنّه لو سلّم کـون النزاع فی المسألتین فـی دلالة اللفظ ، ولکن دلالـة‏‎ ‎‏اللفظ فی مسألـة المرّة والتکرار فـی أنّه هل یدلّ لفظ الأمر علـی إتیان المأمـور به‏
‎[[page 288]]‎‏مرّة أو أزید ، أو لا یـدلّ علیٰ شیء منهما ، وأمّا فـی مسألـة الإجزاء ففـی أنّه هل یدلّ‏‎ ‎‏الأمر ـ دلالـة لفظیـة ـ علی أنّ الإتیان بالمأمور بـه ـ مرّة أو أزید ـ هل مجـزٍ أم لا ؟‏‎ ‎‏فالمأمور بـه فی مسألة الإجـزاء معلوم ـ إمّا المرّة أو التکرار ـ فالکلام فی سقوط الأمر‏‎ ‎‏بإتیان المأمور به وعدمه .‏

‏وبعبارة اُخریٰ : البحث فی مسألة الإجزاء فی سقوط التکلیف بعد الفراغ عن‏‎ ‎‏معلومیة أصل التکلیف ، وأمّا فی مسألة المرّة والتکرار ففی إثبات أصل التکلیف .‏

‏هذا کلّه فی کون الإتیان بالمأمور به مجزیاً بالنسبة إلی أمر نفسه .‏

‏وأمّا کـون الإتیان بالمأمور به بالأمـر الاضطراری أو الظاهـری مجزیاً عـن‏‎ ‎‏المأمـور به بالأمر الواقعـی وعدمه ، فبین المسألتین فـرق واضـح ، مـن غیر فـرق‏‎ ‎‏بین أن یقال : إنّ لکلّ مـن الأمـر الواقعـی والظاهـری أمـراً علیٰ حـدة ، أو أمراً‏‎ ‎‏واحـداً مختلف الخصوصیتین ، وإن کان الفـرق بینهما علـیٰ تقدیر أمـرین أوضـح کما‏‎ ‎‏لا یخفیٰ ، فتدبّر .‏

‏هـذا فی الفـرق بین مسألـة الإجـزاء ومسألـة دلالة الأمـر علی المـرّة أو‏‎ ‎‏التکـرار .‏

وأمّا الفرق بین مسألة الإجزاء ومسألة تبعیة القضاء للأداء‏ أو بفرض جدید‏‎ ‎‏فهو أوضح من أن یخفیٰ ؛ وذلک لأنّ النزاع فی مسألة التبعیة فی أنّه هل الأمر بالصلاة‏‎ ‎‏فی الوقت فی قوله تعالیٰ : ‏‏«‏أقِمِ الصَّلاَةَ لِدُلُوکِ الشَّمْسِ‏»‏‎[1]‎‏ ـ مثلاً ـ هل یدلّ علی‏‎ ‎‏إتیان الصلاة فی الوقت ، فإن ترکها ولم یأت بها فی الوقت فیأتی بها خارج الوقت ؟‏‎ ‎‏فالبحث فیها إنّما هو بعد عدم الإتیان بالمأمور به فی الوقت .‏

‏وأمّا النزاع فی مسألة الإجزاء فإنّما بعد الإتیان بالمأمور به .‏

‎ ‎

‎[[page 289]]‎

  • )) الإسراء (17) : 78 .

انتهای پیام /*