تذنیب : فی تضعیف القولین الآخرین فی معنی صیغة الأمر
وفی قبال ما ذکرنا فی معنیٰ صیغة الأمر قولان آخران :
أحدهما : أنّ صیغة الأمر مستعملة فی تلک المعانی علیٰ نحو الاشتراک اللفظی ، وقد أشرنا أنّ التبادر علیٰ خلاف ذلک .
[[page 134]]والثانی : ما ذهب إلیه المحقّق العراقی قدس سره : من أنّه لیس لصیغة الأمر إلاّ معنیً واحد فی جمیع موارد استعمالها ؛ وهو البعث الملحوظ نسبة بین المادّة التی جرت علیها الصیغة ، وبین المخاطب بها .
وهذه النسبة قائمة بین مفهوم المادّة ومفهوم ذاتٍ ما ، وتحکی النسبة المذکورة عن بعث خارجی فی مقام التصوّر ، وإن لم یکن لها مطابق فی الخارج فی مقام التصدیق . وهذا المعنی الواحد ینشأه المتکلِّم بداعی الطلب الحقیقی فیکون بعثاً حقیقیاً ، وبداعی التهدید فیکون تهدیداً ، وبداعی الترجّی فیکون ترجّیاً ، إلیٰ غیر ذلک من الاُمور التی زعم أنّها معانی الصیغة .
وواضح : أنّ اختلاف الدواعی فی مقام استعمال اللفظ فی معناه لا یوجب اختلاف المستعمل فیه وتعدّده ؛ لیکون مشترکاً ، أو حقیقةً ومجازاً ،انتهیٰ ملخّصاً .
وفیه : أنّه قد أشرنا أنّه ـ مع کونه تبعیداً للمسافة ـ لا یرجع إلیٰ محصّل . ومنشأ ما ذکره هو توهّم أنّ المجاز استعمال اللفظ فی غیر معناه الموضوع له ، کما لعلّه المشهور بینهم ، ویرون أنّ کلّ لفظ إذا استعمل فی معناه الموضوع له ـ لأیّ غرض کان ـ فهو حقیقة .
فلو تمّ المبنیٰ لا غبار للبناء علیه ، وإن کان مثاله لا یخلو عن مناقشة .
ولکن المبنیٰ ـ کما أشرنا ـ غیر تامّ ؛ لما أشرنا : أنّ فی المجاز أیضاً استعمل اللفظ فی معناه الحقیقی ؛ لیتجاوز عنه إلیٰ غیره . فالمجازیة باعتبار تجاوزه عن معناه الحقیقی إلیٰ غیره بالقرائن ؛ فلا یتمّ ما أفاده ، فتأمّل .
[[page 135]]