المبحث الثالث فی مقدّمات الحکمة
قال المحقّق الخراسانی قدس سره فی آخر باب المطلق والمقیّد : «إنّ قضیّة مقدّمات الحکمة فی المطلقات ، تختلف حسب اختلاف المقامات ، فإنّها تارةً : یکون حملها علی العموم البدلی ، واُخری : علی العموم الاستیعابی ، وثالثة : علی نوع خاصّ ممّا ینطبق علیه ؛ حسب اقتضاء خصوص المقام واختلاف الآثار والأحکام» .
وقد أشرنا إلی أنّ ظاهر العلمین النائینی والحائری أنّه یستفاد من مقدّمات الحکمة ما یستفاد من لفظة «کلّ» ولا فرق بینهما إلاّ من جهة أنّ استفادة الاستیعاب والشمول من الإطلاق بمقدّمات الحکمة ، ومن العموم من لفظة «کلّ» بالوضع .
وقد ذکرنا هناک ما یغنی اللبیب ؛ وأنّ باب المطلق غیرباب العموم ، والمستفاد من أحدهما غیر ما یستفاد من الآخر ؛ وذلک لأنّ باب العموم باب دلالة اللفظ ، وقد أشرنا إلی وجود ألفاظ تدلّ علی الاستیعاب والشمول ، کلفظة «کلّ» و«جمیع» بخلاف باب المطلق ، فإنّه باب دلالة الفعل ، وغایة ما تقتضیه مقدّمات الحکمة ، هی
[[page 536]]أنّ ما اُخذ موضوعاً هو تمام الموضوع لحکمه ، وأنّه لا یوجد قید لترتّب الحکم علیه ، فإن کان المأخوذ موضوعاً طبیعة لا بشرط ، فغایة ما تقتضیه المقدّمات هی أنّ نفس الطبیعة بلا قید ، موضوع للحکم ، وأنّ الاستیعاب والشمولیة خارج عنها .
نعم ، حیث إنّ الطبیعة اُخذت لا بشرط ، فتصدق خارجاً علی الأفراد ، ومعلوم أنّ الصدق کذلک غیر مرتبط بباب دلالة اللفظ ، بل لأجل أنّ الطبیعة المتحقّقة خارجاً تتکثّر بتکثّر أفرادها .
وبعبارة اُخری : أنّ الإطلاق فی مقام الإثبات ، عبارة عن کون الشیء تمام الموضوع ؛ إذا کان مصبّ الإطلاق نفس المتعلّق أو الموضوع ، أو کون الحکم مرسلاً عن القید ؛ إذا کان مصبّه نفس الحکم ، وعلیه فحدیث استفادة الاستیعاب من الإطلاق تارة والبدلیة اُخری ، غیر مسموع .
[[page 537]]