أقسام العامّ
قسّموا العموم إلی الاستغراقی ، والمجموعی ، والبدلی ، وربما یظهر من بعضهم تقسیم الإطلاق إلی الاستغراقی ، والمجموعی ، والبدلی .
والظاهر أنّه لا إشکال فی تقسیم العموم إلیها ؛ لما نری من شهادة العرف والعقلاء بوجود ألفاظ یکون مفاد بعضها العموم الاستغراقی ، وبعضها الآخر المجموعی ، وثالثها البدلی ، وذلک کلفظة «کلّ» مثلاً ، فإنّ المتبادر منها الکثرة والشمول بنحو الاستغراق الأفرادی ؛ أی تدلّ بالدوالّ الثلاثة علی کثرات تکون کلّ واحدة
[[page 338]]منها فی عَرْض الاُخری موضوعاً للحکم ؛ من دون لحاظ الاجتماع وصیرورتها موضوعاً واحداً .
وبالجملة : یتبادر من «کلّ عالم» مثلاً قبل تعلّق الحکم علیه ، کثرة أفراد طبیعة العالم بالدوالّ الثلاثة ، وبعد تعلّق الحکم علیه ینحلّ الحکم بعدد أفراد العالم ، واستفادة هذا المعنی من «کلّ عالم» غیر رهینة بجریان مقدّمات الحکمة ، ولذا یفهم منه الکثرة قبل تعلّق الحکم علیه ، بل یستفاد ذلک وإن اُلقی بصورة الإخبار والجملة الخبریة ونقل القصص والحکایات . وقد أشرنا وسنشیر مفصّلاً إلی أنّ استفادة الإطلاق ، إنّما هی بعد تعلّق الحکم .
ومثل لفظة «کلّ» فی الدلالة علی الکثرات لفظة «تمام» و«جمیع» و(همه) و(هر) فی اللغة الفارسیة .
وفی قبال هذه الألفاظ ألفاظ تدلّ علی أفراد الطبیعة ومصادیقها فی عَرْض واحد ، لکن مع ملاحظة الأفراد بنعت الوحدة والاجتماع ؛ بحیث تکون الأفراد بهذا الاعتبار بمنزلة الأجزاء ، وذلک کلفظة «المجموع» فإنّ المتبادر من «مجموع العلماء» هو کثرة الأفراد بنحو العرضیة ، لکنّه مع اعتبار صفة الاجتماع ، فالمستفاد منه غیر ما هو المستفاد من «کلّ عالم» فکأنّه ـ کما أشرنا ـ فرق بین لفظة «جمیع» ولفظة «المجموع» فإنّ المتبادر من «جمیع العلماء» هو المتبادر من «کلّ عالم» بخلاف «مجموع العلماء» فکأنّه اعتبر فیه صفة الاجتماع ، فیکون أفراد العالم عند ذلک بمنزلة الأجزاء ، نظیر لفظة «العشرة» و«العسکر» و«الفوْج» من حیث اعتبار الأفراد أجزاء ، فتدبّر .
وفی قبال هاتین الطائفتین من الألفاظ ، ألفاظ یتبادر منها البدلیة ، کلفظة
[[page 339]]«أیّ» الاستفهامیة ، کقوله تعالی :«أیُّکُمْ یَأتِینِی بِعَرْشِهَا»وقوله تعالی : «فَأَیَّ آیَاتِ الله ِ تُنْکِرونَ» ، فإنّ مفاد «أیّ» الاستفهامیة ما یعبّر عنها بالفارسیة بـ (کدام یک) ولا تدلّ علی الکثرات بنحو العامّ الاستغراقی ، ولا المجموعی ، کما لا یخفی .
وقد یکون العامّ البدلی فی غیر «أیّ» الاستفهامیة ، کقوله تعالی :«أیَّاً مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأسْمَاءُ الْحُسْنَی» وقولک : «زکّ مالک من أیّ مصداق شئت» و«اذهب من أیّ طریق أردت» فإنّها تدلّ بالدلالة الوضعیة اللفظیة علی العموم البدلی .
فظهر : أنّه یکون لنا فی باب العموم ألفاظ یتبادر من بعضها العموم الاستغراقی ، ومن بعضها الآخر العموم المجموعی ، ومن الثالث العموم البدلی . هذا کلّه فی تقسیم العموم .
[[page 340]]