المقصد الثالث فی المفهوم

الأمر الثانی‏: فی شمول النزاع للوصف الأخصّ المطلق والأعمّ من وجه

کد : 148784 | تاریخ : 04/02/1394

الأمر الثانی : فی شمول النزاع للوصف الأخصّ المطلق والأعمّ من وجه

‏إنّ وزان استفادة المفهوم من الوصف‏ ‏، وزان استفادة المفهوم من الجملة‏‎ ‎‏الشرطیة‏ ‏، فلابدّ من حفظ جمیع ما یذکر فی الکلام من القیود عدا الوصف الذی یدور‏‎ ‎‏علیه المفهوم‏ ‏. وبالجملة : لابدّ من حفظ الموضوع فی استفادة مفهوم الوصف کما هو‏‎ ‎‏الشأن فی استفادة مفهوم الشرط وعلیه فالوصف المساوی لموصوفه خارج عن محطّ‏‎ ‎‏البحث‏ ‏؛ لارتفاع الموضوع بارتفاع الوصف‏ ‏، فلا یبقی للحکم مرکز حتّی یحمل علیه‏‎ ‎‏أو یسلب عنه‏ .

‏بل لو کانت النسبة بین الوصف وموصوفه العموم من وجه وکان الافتراق‏‎ ‎‏من جانب الموصوف‏ ‏، لکان أیضاً خارجاً عن محطّ البحث‏ ‏؛ لما أشرنا من لزوم‏‎ ‎‏حفظ الموضوع فی المفهوم والمنطوق‏ ‏، وإنّما الاختلاف بینهما فی تحقّق الوصف فی‏‎ ‎‏أحدهما دون الآخر‏ .

‏فمحطّ البحث فیما إذا کان الوصف أخصّ من موصوفه‏ ‏؛ لبقاء الموضوع بعد‏‎ ‎‏انتفاء الوصف‏‎[1]‎ .


‎[[page 288]]‎إن قلت :‏ إنّ هذا یتمّ فی الوصف المعتمد علی الموضوع‏ ‏، وأمّا الوصف الاشتقاقی‏‎ ‎‏بناءً علی القول ببساطة المشتقّ‏ ‏، فلا موضوع له‏ .

قلت :‏ لا ینبغی الإشکال فی أنّه إذا سمع العرف والعقلاء «أکرم العادل» لفهموا‏‎ ‎‏منه الرجل العادل‏ ‏، ولا یلزم أن یکون ذلک مدلولاً علیه باللفظ‏ ‏؛ حتّی یقال : إنّه بناءً‏‎ ‎‏علی القول ببساطة المشتقّ لا یکون مدلولاً علیه‏ ‏. ولعلّ ذلک عندهم من قبیل‏‎ ‎‏«وحذف ما یعلم منه جائز»‏ .

‏وبالجملة : لا ینبغی الإشکال فی أنّه یستفاد من تلک الجملة‏ ‏، أنّ موضوع‏‎ ‎‏الإکرام الإنسان الموصوف بوصف العدالة‏ ‏، وهو یکفی فی استفادة المفهوم‏ .

‏والحاصل : أنّه لا ریب فی دخول الوصف الأخصّ فی محطّ البحث‏ ‏؛ لبقاء‏‎ ‎‏الموضوع بعد انتفائه فی الوصف الذی لم یعتمد علی موصوفه‏ ‏، إذ لابدّ علی القول‏‎ ‎‏بالمفهوم من تقدیر موصوف عند التحلیل‏ ‏. کما یدخل فی موضوع البحث الوصف‏‎ ‎‏الذی تکون النسبة بینه وبین موصوفه‏ ‏، عموماً من وجه فی مورد افتراق الصفة عن‏‎ ‎‏الموصوف‏ ‏، کما فی الغنم غیر السائمة بالنسبة إلی الغنم السائمة‏ .

‏إذا تمهّد لک ما ذکرنا یظهر لک ضعف ما فی کلام المحقّق الخراسانی ‏‏قدس سره‏‎[2]‎‎ ‎‏مـن تعـمیم محـطّ البحث للمتسـاویین أیضـاً‏‎[3]‎‏ وکذلک ضعـف مـا عـن بعـض‏‎ ‎
‎[[page 289]]‎‏الشافعیة‏‎[4]‎‏ من أنّ قوله ‏‏صلی الله علیه و آله وسلم‏‏ «‏فی الغنم السائمة زکاة»‎[5]‎‏ یدلّ علی عدم الزکاة فی‏‎ ‎‏الإبل المعلوفة‏ ‏، لما أشرنا من أنّ حفظ الموضوع فی المنطوق والمفهوم‏ ‏، ممّا لابدّ منه‏ ‏،‏‎ ‎‏وإنّما الاختلاف بینهما فی تحقّق الوصف فی أحدهما دون الآخر بعد حفظه‏ ‏، فلا معنی‏‎ ‎‏لنفی حکم عن موضوع أجنبی وعدّه مفهوماً‏ .

‏فظهر لک ممّا ذکرنا فی الأمرین : أنّ محطّ البحث أعمّ من الوصف المعتمد علی‏‎ ‎‏الموصوف والوصف الاشتقاقی‏ ‏، ولا وجه لاختصاصه بالأوّل‏ ‏، وأنّ الموضوع فی‏‎ ‎‏المفهوم لابدّ وأن یکون محفوظاً‏ ‏، فتدبّر‏ .

‎ ‎

‎[[page 290]]‎

  • )) قلت : ولک أن تقول : إنّ المفهوم نقیض المنطوق ، ویعتبر فی التناقض اتحاد المتناقضین فی اُمور : أحدها الاتحاد فی الموضوع . [ المقرّر حفظه الله ]
  • )) کفایة الاُصول: 245 .
  • )) قلت : قد صرّح المحقّق الخراسانی قدس سره أوّلاً باختصاص النزاع فیما إذا کان الوصف أخصّ من موصوفه ؛ ولو من وجه فی مورد افتراق الوصف عن موصوفه ، وعدم جریان النزاع فی غیره ؛ سواء کانا متساویین ، أو کانا من وجه فی مورد افتراق الموصوف عن الوصف ، إلاّ أنّه استدرک أخیراً فقال : إن استفیدت العلّیة المنحصرة من الوصف ـ بحیث لا یکون للموصوف دخل فی الحکم أصلاً ؛ حتّی یدور الحکم مدار الوصف وجوداً وعدماً ـ فعلی هذا یجری النزاع فیما إذا کان الوصف مساویاً للموضوع ، أو أعمّ منه مطلقاً ، فهو بصدد بیان مطلب آخر ، فنسبة القول بجریان النزاع فیما إذا کانت النسبة بین الصفة والموصوف التساوی إلی المحقّق الخراسانی قدس سره فی غیر محلّها . ولیت شعری کیف نسب القول بجریان النزاع فی المتساویین إلی المحقّق الخراسانی قدس سره ولم ینسب إلیه جریانه فیما إذا کان الوصف أعمّ مطلقاً ، مع أنّه مصرّح بذلک أیضاً؟! فما استدرکه المحقّق لیس سهواً من قلمه الشریف کما توهّم ، فلاحظ الکفایة وتأمّل فیما ذکره أوّلاً ، وما استدرکه ثانیاً . [ المقرّر حفظه الله ]
  • )) اُنظر مطارح الأنظار: 182 / السطر 22 ، المنخول من تعلیقات الاُصول : 291 ـ 292 و307 .
  • )) راجع عوالی اللآلی 1 : 399 / 50 .

انتهای پیام /*