المقصد الثالث فی المفهوم

الاُولی‏: فی إمکان تداخل المسبّبین ثبوتاً وعدمه

کد : 148793 | تاریخ : 04/02/1394

‏الاُولی : فی إمکان تداخل المسبّبین ثبوتاً وعدمه‏ .

‏والثانیة : فی أنّه علی تقدیر الإمکان، ما هو مقتضی القاعدة فی مقام الإثبات.‏

الجهة الاُولی : فی إمکان تداخل المسبّبات ثبوتاً

‏قد منع الشیخ الأعظم أعلی الله مقامه إمکان التداخل‏ ‏، فقال فی وجهه :‏‎ ‎‏«قد قرّرنا فی المقدّمة السابقة أنّ متعلّق التکالیف حینئذٍ‏ ‏، هو الفرد المغایر للفرد‏‎ ‎‏الواجب بالسبب الأوّل‏ ‏، ولا یعقل تداخل فردین من جهة واحدة‏ ‏، بل ولا یعقل ورود‏‎ ‎‏دلیل علی التداخل أیضاً علی ذلک التقدیر‏ ‏؛ إلاّ أن یکون ناسخاً لحکم السببیة»‏‎[1]‎ .

‏وبالجملة : فرض تأثیر السبب الثانی وأنّ أثره غیر الأثر الأوّل‏ ‏، یوجب‏‎ ‎‏امتناع التداخل‏ ‏، بل عدم تعقّل التداخل‏ .

وفیه :‏ أنّ ما ذکره أعلی الله مقامه علی فرضٍ هو تامّ من حیث الکبری دون‏‎ ‎‏الصغری‏ ‏، وعلی تقدیر بالعکس‏ ‏؛ وذلک لأنّه إن أراد بالفرد الفرد الخارجی کما هو‏‎ ‎‏الظاهر‏ ‏، فالکبری مسلّمة‏ ‏؛ بداهة أنّه یستحیل أن یتحد الفردان الموجودان‏‎ ‎‏المتشخّصان فی الخارج ویصیرا واحداً‏ ‏، ولکن الصغری ـ وهی تعلّق التکلیف‏‎ ‎‏والخطاب بالفرد الخارجی ـ ممنوعة‏ ‏؛ لما أشرنا غیر مرّة من استحالة تعلّق التکلیف‏‎ ‎‏والخطاب بالفرد الخارجی‏ ‏، بل بالعنوان‏ ‏، والخارج ظرف السقوط‏ .

‏وإن أراد بالفرد الفرد العنوانی القابل للانطباق علی الخارج ـ وإنّما سمّاه «فرداً»‏
‎[[page 276]]‎‏لکونه تحت العنوان العامّ‏ ‏، نظیر فردیة الصنف للنوع‏ ‏، والنوع للجنس‏ ‏، فیقال : إنّ‏‎ ‎‏الإنسان الأبیض فرد للإنسان‏ ‏، والحیوان الناطق فرد للحیوان ـ فعدم إمکان تداخل‏‎ ‎‏العنوانین من ماهیة واحدة غیر مسلّم‏ ‏، بل القیود الواردة علی الماهیة مختلفة؛‏‎ ‎‏فقد تکون موجبة لصیرورة المقیّدین متباینین‏ ‏، کالإنسان الأبیض والأسود‏ ‏،‏‎ ‎‏وقد لا تکون کذلک‏ ‏، بل یکون المقیّدان عامّین من وجه‏ ‏، کالإنسان الأبیض والعالم‏ .

‏فإذن الوضوء فی قوله : «إذا نمت فتوضّأ» و«إذا بلت فتوضّأ» ماهیة واحدة‏ ‏،‏‎ ‎‏وبعد تسلّم المقدّمتین لابدّ من کونها مقیّدة بقیدین‏ ‏؛ حتّی یکون کلّ سبب علّة مستقلّة‏‎ ‎‏لإیجاب أحد العنوانین‏ ‏، ولکن لا یلزم أن یکون بین العنوانین التباین حتّی یمتنع‏‎ ‎‏تصادقهما علی الفرد الخارجی‏ ‏، فمع عدم قیام دلیل علی امتناعه‏ ‏، لا یجوز رفع الید عن‏‎ ‎‏الدلیل الدالّ علی التداخل فرضاً‏ ‏، فقوله أعلی الله مقامه بأنّه : «لا یعقل ورود دلیل‏‎ ‎‏علی التداخل» فرع إثبات الامتناع‏ ‏، وهو مفقود‏ .

‏بل لنا أن نقول : لازم ظهور الشرطین فیما ذکر وورود الدلیل علی التداخل هو‏‎ ‎‏کون المقیّدین قابلین للتصادق‏ .

‏وبالجملة : إن أراد بالفرد الحصّة بلحاظ کونها تحت العامّ‏ ‏، فالصغری مسلّمة‏ ‏؛‏‎ ‎‏لأنّ الوضوء المتقیّد بالبول والمتقیّد بالنوم‏ ‏، فردان لماهیة الوضوء فردیة الصنف للنوع‏ ‏،‏‎ ‎‏ویصحّ تعلّق التکلیف بهما‏ ‏، ولکن الکبری ممنوعة‏ ‏؛ لأنّه إنّما یمتنع الاتحاد إذا کان‏‎ ‎‏کلّ من القیدین مبایناً للآخر‏ ‏، کما إذا تقیّدت ماهیة الإنسان بقیدی العلم والجهل‏ ‏،‏‎ ‎‏لعدم صدق الإنسان العالم والإنسان الجاهل علی مصداق واحد‏ ‏، وأمّا إذا کان أحد‏‎ ‎‏القیدین أعمّ من وجه من الآخر‏ ‏، فیجوز اجتماعهما فی الجملة‏ ‏، کما إذا تقیّدت ماهیة‏‎ ‎‏الإنسان بقیدی العلم والعدالة‏ ‏؛ بداهة جواز صدق الإنسان العالم والإنسان العادل‏‎ ‎‏علی مصداق واحد‏ ‏. فمع هذا الاحتمال‏ ‏، لا مجال للحکم بعدم معقولیة تداخل‏
‎[[page 277]]‎‏المسبّبات‏ ‏، فعلی تقدیر تمامیة المقدّمتین‏ ‏، لو ورد دلیل ظاهر فی تداخل المسبّبات‏ ‏، فلا‏‎ ‎‏وجه لرفع الید عنه أو حمله علی کونه ناسخاً‏ ‏، بل یکشف بذلک عن أنّ النسبة بینهما‏‎ ‎‏هی العموم من وجه ، لا التباین .‏

‏هذا حال مقام الثبوت ، وقد عرفت إمکان تداخل المسبّبات .‏

‎ ‎

‎[[page 278]]‎

  • )) مطارح الأنظار : 180 / السطر 36 .

انتهای پیام /*