المقصد الثالث فی المفهوم

المقدّمة الثالثة‏: فی اختصاص النزاع بالماهیة القابلة للتکثّر

کد : 148815 | تاریخ : 04/02/1394

المقدّمة الثالثة : فی اختصاص النزاع بالماهیة القابلة للتکثّر

‏محطّ البحث فی التداخل‏ ‏، إنّما هو فیما إذا کان الجزاء ماهیة قابلة للتکثّر‏ ‏،‏‎ ‎‏کالوضوء والغسل‏ ‏؛ حتّی یتطرّق فیه إمکان القول بالتداخل وعدمه‏ ‏، وأمّا إذا لم یقبل‏‎ ‎‏التکثّر ـ کقتل زید مثلاً ـ فهذا خارج عن محطّ البحث‏ ‏؛ لاستحالة عدم التداخل فیه‏ .

ولکن ‏فصّل المحقّق النائینی ‏‏قدس سره‏‏ فیما لم یقبل التکثّر بین قبوله للتقیید وعدمه‏ ‏،‏‎ ‎‏فذهب إلی دخول الأوّل فی محطّ البحث أیضاً‏ ‏؛ وذلک کالخیار والقتل‏ ‏، فإنّهما وإن‏‎ ‎‏لم یقبلا التکرار‏ ‏؛ لأنّ الخیار عبارة عن ملک فسخ العقد وإقراره‏ ‏، وهو أمر واحد‏‎ ‎‏لا یمکن فیه التعدّد‏ ‏، وکذا القتل‏ ‏، وهو واضح‏ ‏، ولکنّهما یقبلان التقیید‏ ‏، فیقیّد الخیار‏‎ ‎‏بالمجلس والحیوان مثلاً‏ ‏، ومعنی تقییده بالسبب هو أنّه یلاحظ الخیار المستند إلی‏‎ ‎‏المجلس فیسقطه‏ ‏، أو یصالح علیه‏ ‏، فیبقی له الخیار المستند إلی الحیوان‏ ‏، وکذا فی القتل‏‎ ‎‏لأجل حقوق الناس‏‎[1]‎ ‏، فلو قتل زید عمراً وبکراً‏ ‏، فقتل زید قصاصاً وإن لم یقبل‏‎ ‎‏التعدّد‏ ‏، إلاّ أنّه قابل للتقیید بالسبب‏ ‏؛ أی یلاحظ استحقاق زید للقتل باعتبار قتله‏‎ ‎‏لعمرو‏ ‏، فلو أسقط ورثة عمرو حقّ القَوَد‏ ‏، لم یسقط حقّ ورثة بکر‏ .


‎[[page 245]]‎‏فظهر دخول ما کان الجزاء قابلاً للتقیید فی محطّ البحث‏ ‏؛ لتحقّق أثر للقول‏‎ ‎‏بعدم التداخل باعتبار قابلیة الإسقاط من جهة خاصّة مع بقاء الجزاء من سائر‏‎ ‎‏الجهات‏ ‏، وأمّا فیما لا یقبل التقیید أیضاً فخارج عن محطّ النزاع‏ ‏؛ إذ لا أثر عملی فیه‏‎ ‎‏للقول بالتداخل وعدمه‏‎[2]‎ .

وفیه :‏ أنّه لو کان الخیار ماهیة غیر قابلة للتکثّر مع اجتماع أسباب متعدّدة‏‎ ‎‏علیه‏ ‏، ولم یکن معنی لتصوّر ملکین بالنسبة إلی فسخ العقد وإقراره‏ ‏، فعند اجتماع‏‎ ‎‏المجلس والحیوان لا یتحقّق إلاّ شخص واحد من الخیار‏ ‏، ومعلوم أنّ الشیء الواحد‏‎ ‎‏الشخصی لا یمکن أن یسقط من جهة‏ ‏، ویبقی من جهة اُخری‏ ‏، فلا یمکن إسقاط الخیار‏‎ ‎‏من جهة المجلس‏ ‏، وإبقاؤه من جهة الحیوان‏ .

‏وأمّا إذا کان خیار المجلس شیئاً غیر خیار الحیوان‏ ‏، فیکونان متعدّدین‏‎ ‎‏بالعنوان‏ ‏، فیخرج عن مفروض البحث‏ ‏؛ أی کون الجزاء غیر قابل للتکرار‏ .

‏وإن کان الخیار کلّیاً قابلاً للتکثّر رجع إلی الفرض الأوّل‏ .

‏وهکذا الحال فی قضیّة القتل‏ ‏، فإنّ حقّ القصاص إن کان واحداً فلا یمکن‏‎ ‎‏إسقاطه من قبل سبب‏ ‏، وإبقاؤه من قبل سبب آخر‏ ‏، وإن کان متعدّداً فیخرج عن‏‎ ‎‏مفروض البحث‏ ‏؛ ولا یکون من تداخل الأسباب‏ ‏، وإن کان کلّیاً قابلاً للتکثّر یدخل‏‎ ‎‏فی الفرض الأوّل‏ .

ثمّ‏ إنّه ‏‏قدس سره‏‏ عنون الکلام أوّلاً بالقتل‏ ‏، ثمّ عدل عنه وقال : «إنّ حقّ القصاص‏‎ ‎‏یقبل التقیید من سببین» فاختلط الأمر لدیه ‏‏قدس سره‏‏ فإنّ من المعلوم أنّ القتل أمر واحد‏‎ ‎‏غیر قابل للتکثّر‏ ‏، فإن حصلت شروطه یقتل وإلاّ فلا‏ ‏، ولا ربط له بکون کلّ واحد‏
‎[[page 246]]‎‏من أولیاء المقتولین له حقّ القصاص‏ .

‏وبالجملة : عدم قبول القتل للتکثّر لا یرتبط بعدم قبول حقّ القصاص له‏ ‏،‏‎ ‎‏والمحقّق النائینی ‏‏قدس سره‏‏ خلط بینهما‏ ‏، فتدبّر‏ .

‏فظهر ممّا ذکرنا : أنّ محطّ البحث هو فیما إذا کان الجزاء ماهیة قابلة للتکثّر فی‏‎ ‎‏الخارج بلحاظ تکثّر السبب‏ .

‎ ‎

‎[[page 247]]‎

  • )) قلت : قال قدس سره : وجه التقیید بحقوق الناس ؛ لأجل أنّه إذا کانت له أسباب متعدّدة راجعة إلی حقوق الله تعالی ـ کما إذا کان محارباً ، وزانیاً محصناً ، ومرتدّاً ـ فلا یکاد یتقیّد قتل زید بهذه الأسباب ؛ إذ لا أثر لتقییده ، لأنّ حقوق الله تعالی غیر قابلة للإسقاط حتّی یظهر للتقیید بالسبب أثره ، نعم فی المثال یتأکّد وجوب قتل زید من جهة اجتماع تلک الأسباب ، ولکنّ التأکید غیر التقیید بالسبب ، کما لا یخفی(أ) . [ المقرّر حفظه الله ]     أ ـ فوائد الاُصول 1 : 491 .
  • )) فوائد الاُصول 1 : 491 .

انتهای پیام /*