المقصد الثانی فی النواهی

مقال الشیخ فی کون الخروج من الدار المغصوبة واجباً والمناقشة فیه

کد : 148919 | تاریخ : 04/02/1394

مقال الشیخ فی کون الخروج من الدار المغصوبة واجباً والمناقشة فیه

‏حکی عن الشیخ الأعظم ‏‏قدس سره‏‏ : «أنّ الخروج من الدار المغصوبة واجب لیس‏‎ ‎‏إلاّ»‏‎[1]‎ ‏، وحاصل ما أفاده فی ذلک : هو أنّه لیس جمیع أقسام التصرّف فی مال الغیر‏‎ ‎‏بغیر إذنه حراماً‏ ‏، وإنّما یحرم منه ـ بلا إشکال ـ ما إذا کان التصرّف بعنوان «الدخول‏‎ ‎‏فی ملک الغیر بغیر إذنه» أو «البقاء فیه»‏ ‏. وأمّا التصرّف بالخروج الذی یتوقّف علیه‏‎ ‎‏رفع الظلم‏ ‏، فحیث إنّه مصداق للتخلّص من الغصب أو سبب له‏ ‏، فلم یکن حراماً من‏‎ ‎‏أوّل الأمر قبل الدخول وإن توقّف وجود الخروج فی الخارج علی الدخول بواسطة‏‎ ‎‏ترتّب طبیعی بین الدخول والخروج‏ ‏، بل الخروج محبوب علی کلّ حال‏ ‏؛ قبل الدخول‏‎ ‎‏أو بعده‏ ‏، کما أنّ الغصب مبغوض دائماً‏ .

‏وتوهّم : أنّه قبل الدخول فیها له قدرة علی عدم التصرّف‏ ‏، فالدخول والبقاء‏‎ ‎‏والخروج المسبّب عن الدخول‏ ‏، منهی عنه‏ .

‏مدفوع : بأنّ الحرام هو الدخول والبقاء فی ملک الغیر بغیر إذنه‏ ‏، وأمّا‏‎ ‎
‎[[page 127]]‎‏الخروج منه الذی یکون مصداقاً للتخلّص من الغصب أو مسبّباً له‏ ‏، فلیس بمنهی عنه‏ ‏،‏‎ ‎‏بل مأمور به‏ ‏. وهذا مثل شرب الخمر‏ ‏، فإنّه لم یحرّم علینا شرب الخمر بجمیع أقسامه‏ ‏،‏‎ ‎‏لأنّه إذا توقّف حفظ النفس علی شرب الخمر‏ ‏، یکون شرب الخمر واجباً لا حراماً‏ .

‏فظهر : أنّ الخروج من الدار الغصبیة حیث إنّه مصداق للتخلّص من الغصب أو‏‎ ‎‏سبب له‏ ‏، لا یکون إلاّ مطلوباً‏ ‏، ویستحیل أن یتصف بغیر المحبوبیة ویحکم علیه بغیر‏‎ ‎‏المطلوبیة‏ ‏، انتهی محصل کلامه‏ .

ویرد علیه أوّلاً :‏ ما أجاب به المحقّق الخراسانی ‏‏قدس سره‏‏ مجملاً‏‎[2]‎ ‏، ونقول : إنّه لیس‏‎ ‎‏شیء من الدخول فی ملک الغیر بغیر إذنه أو البقاء فیه أو الخروج منه بعناوینها‏ ‏،‏‎ ‎‏حراماً‏ ‏، وإنّما الحرام هو التصرّف فی ملک الغیر بغیر إذنه‏ ‏، وواضح أنّ شموله بالنسبة‏‎ ‎‏إلی الدخول فیه والبقاء فیه والخروج عنه‏ ‏، علی وزان واحد‏ ‏، فکما یحرم التصرّف‏‎ ‎‏الدخولی والبقائی فیه‏ ‏، فکذلک یحرم التصرّف الخروجی منه‏ ‏، وقد عرفت أنّ عنوان‏‎ ‎‏«التخلّص من الغصب» لم یکن واجباً شرعاً‏ ‏، وإنّما یعتبر ذلک عند حرمة التصرّف فی‏‎ ‎‏مال الغیر بغیر إذنه‏ .

وثانیاً :‏ أنّه یلزم علی ما ذکره أن یکون الاضطرار ونحوه‏ ‏، من قیود التکلیف‏ ‏،‏‎ ‎‏ویکون المضطرّ خارجاً من دائرة التکلیف‏ ‏، مع أنّه لیس کذلک‏ ‏، وغایة ما یکون عند‏‎ ‎
‎[[page 128]]‎‏الاضطرار ونحوه‏ ‏، هو أنّه إذا لم یکن الاضطرار بسوء اختیاره یکون معذوراً عقلاً‏ .

وثالثاً :‏ أنّه یلزم علی ما ذکره أن یجوز لکلّ أحد أن یوقع نفسه فی الاضطرار‏‎ ‎‏بسوء اختیاره فی شرب الخمر‏ ‏، بل یلزم أن یثاب علی شربها الواجب لو قصد‏‎ ‎‏التقرّب به إلی الله تعالی!! حاشا الفقیه من التفوّه بذلک‏ .

‏نعم‏ ‏، من أوقع نفسه فی الاضطرار إلی شرب الخمر بسوء اختیاره وانحصر‏‎ ‎‏حفظ نفسه بشربها‏ ‏، فهو ملزم به من ناحیة عقله‏ ‏؛ لکونه أقلّ محذوراً من هلاک‏‎ ‎‏النفس‏ ‏، ولکنّه مع ذلک یکون قد ارتکب حراماً فعلیاً بلا عذر‏ ‏، فیعاقب علیه‏ ‏، فتدبّر‏ .

‎ ‎

‎[[page 129]]‎

  • )) مطارح الأنظار : 153 / السطر 33 .
  • )) قلت : لأنّه قال : «إنّ ما به التخلّص من فعل الحرام أو ترک الواجب ، إنّما یکون حسناً عقلاً ومطلوباً شرعاً بالفعل ـ وإن کان قبیحاً ذاتاً ـ إذا لم یتمکّن المکلّف من التخلّص بدونه ، ولم یقع بسوء اختیاره إمّا فی الاقتحام فی ترک الواجب ، أو فعل الحرام ، وأمّا الإقدام علی ما هو قبیح وحرام ـ لولا به التخلّص ـ فهو قبیح بلا کلام ، کما هو المفروض فی المقام ؛ ضرورة تمکّنه منه قبل اقتحامه فیه بسوء اختیاره ...»(أ) إلی آخر ما ذکره فلاحظ . [ المقرّر حفظه الله ]     أ ـ کفایة الاُصول : 206 .

انتهای پیام /*