المقصد الثانی فی النواهی

تأیید المختار بالأمثلة العرفیة

کد : 148939 | تاریخ : 04/02/1394

تأیید المختار بالأمثلة العرفیة

‏ما ذکرناه هو مقتضی البرهان فی المسألة‏ ‏، وحاصله : أنّه یمکن أن یتّصف شیء‏‎ ‎‏واحد بمثل هذه الانتزاعیات والاعتباریات‏ ‏، وأنّه کما یمکن أن یکون شیء واحد‏‎ ‎‏محبوباً من جهة ومبغوضاً من جهة اُخری‏ ‏، فکذلک یمکن أن یکون مقرّباً من جهة‏ ‏،‏‎ ‎‏ومبعّداً من جهة اُخری‏ ‏؛ من دون لزوم تضادّ وامتناع‏ ‏. فإن کان مع ذلک فی خواطرک‏‎ ‎‏ریب‏ ‏، فنوضّح الأمر بمثالین لعلّه یذعن ویعترف بهما کلّ من کان له قلب أو ألقی‏‎ ‎‏السمع وهو شهید :‏

الأوّل : ‏افرض أنّ للمولی عبدین نهاهما عن دخول بستانه‏ ‏، وکان له فیه ابن‏‎ ‎‏عزیز علیه‏ ‏، فخالفا مولاهما ودخلا البستان‏ ‏، ولکنّ أحدهما مع ذلک ضرب ابنه‏ ‏،‏‎ ‎‏والآخر أکرمه ونعّمه‏ ‏، فمن الواضح بالوجدان أنّهما مختلفان‏ ‏؛ فإنّهما وإن أغضبا‏‎ ‎
‎[[page 93]]‎‏مولاهما بدخول البستان‏ ‏، فیکون تصرّفهما فیه مبغوضاً للمولی ومبعّداً عن ساحته‏ ‏،‏‎ ‎‏ولکن بإکرام أحدهما ولده یکون محبوباً له ومقرّباً إلی ساحته‏ ‏، کما أنّ الآخر بضربه‏‎ ‎‏ولده یکون بعیداً عن ساحته کلّ البعد‏ .

الثانی :‏ إذا مسح الرجل علی رأس یتیم فی دار غصبیة وأحسن إلیه‏ ‏، فحرکة‏‎ ‎‏الید من حیث إنّها تصرّف فی مال الغیر‏ ‏، مبغوضة وذات فساد ومبعّدة‏ ‏، ولکنّها من‏‎ ‎‏حیث إنّها رحمة بالیتیم‏ ‏، محبوبة وذات صلاح ومقرّبة‏ .

‏وهناک أمثلة اُخری کثیرة لا داعی لبیانها‏ .

‏وعلیـه فالصلاة فـی الدار الغصبیـة مـن جهـة أنّها مصداق لقوله تعالی :‏‎ ‎‏«‏ أقِمِ الصَّلاَةَ لِدُلُوکِ الشَّمْسِ . . . ‏»‏‎[1]‎‏ محبوبة ومقرّبة‏ ‏، ومن جهة أنّها مصداق‏‎ ‎‏للتصرّف فی مال الغیر بغیر رضاه‏ ‏، مبغوضة ومبعّدة‏ .

‏فتحصّل : أنّ البرهان مضافاً إلی الوجدان‏ ‏، قائمان علی جواز اجتماع الأمر‏‎ ‎‏والنهی وصحّة الصلاة فی الدار الغصبیة‏ ‏، فلیس مجرّد اجتماع الوجوب والحرمة‏‎ ‎‏المتعلّقین بعنوانین متصادقین علی موضوع واحد‏ ‏، موجباً لبطلان الصلاة فی الدار‏‎ ‎‏الغصبیة مثلاً‏ .

‏نعم‏ ‏، قد یستفاد من الأدلّة شرطیة إباحة المکان وأنّه لا تصحّ الصلاة فی الدار‏‎ ‎‏الغصبیة‏ ‏، ولکنّه کلام خارج عن محطّ البحث‏ ‏، فاغتنم وتدبّر‏ .

‎ ‎

‎[[page 94]]‎

  • )) الإسراء (17) : 78.

انتهای پیام /*