المطلب الأوّل فی الأوامر وفیه فصول

الأمر السادس

کد : 149022 | تاریخ : 06/02/1394

الأمر السادس

محطّ البحث فیما نحن فیه: ‏هو ما إذا کان هناک طبیعة مأمور بها فی وقت‏‎ ‎‏موسّع أو مضیّق ـ بالنسبة إلی القضاء فقط ـ مشروطة بشرط، کالصلاة المشروطة‏‎ ‎‏بالطهارة المائیّة؛ لقوله تعالی: ‏‏«‏إذَا قُمْتُمْ إِلَی الصّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَکُمْ‏»‏‎[1]‎‏ الآیة،‏‎ ‎‏وقال تعالی: ‏‏«‏فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَیَمَّمُوا صَعیداً‏»‏‎[2]‎‏، وفرض أنّ المکلّف فی أوّل‏‎ ‎‏وقته فاقد للماء، وفی آخره واجد له، وفرض تسویغ الشارع البدار له ولو مع العلم‏‎ ‎‏بوجدانه فی آخر الوقت، أو فرض أنّه فاقد للماء فی جمیع الوقت، وواجد له فی‏‎ ‎‏خارجه، فهل یُجزی فعل الأمر الاضطراری ـ أی الصلاة مع الطهارة الترابیّة ـ فلا یجب‏‎ ‎‏الأداء مع الطهارة المائیّة فی الفرض الأوّل، والقضاء کذلک فی الثانی، فیقتضی الإجزاء،‏‎ ‎‏أو لا؟ وکذلک لو صلّی مع استصحاب الطهارة من الخبث، أو عملاً بقاعدة الطهارة،‏‎ ‎‏فانکشف نجاسته فی الوقت أو خارجه، فهل الإتیان بالأمر الظاهری مُجزٍ، فلا یجب‏‎ ‎‏الأداء والقضاء أو لا؟‏

وبالجملة: ‏محطّ البحث هو ما إذا کان الأمر واحداً وکذلک المأمور، والاختلاف‏‎ ‎‏إنّما هو فی الشرائط بحسب اختلاف الحالات.‏

إلاّ أنّه یظهر من «الکفایة» وغیرها: ‏أنّ محلّ البحث هو ما إذا تعدّد الأمر،‏‎ ‎‏وتعلّق أحدهما بالصلاة مع الطهارة المائیّة فی حال الاختیار، وثانیهما تعلّق بها مع‏
‎[[page 288]]‎‏الطهارة الترابیّة حال الاضطرار، فیقال: الإتیان بالمأموربه الثانی هل هو مُجزٍ عن أمر‏‎ ‎‏نفسه، أو عن الأمر الأوّل، أو لا؟ وکذلک فی الأمر الظاهری‏‎[3]‎‏.‏

‏ووجهه ما ذکره فی باب الاستصحاب: من أنّ الأحکام الوضعیّة علی ثلاثة‏‎ ‎‏أقسام: منها ما لاتنالها ید الجعل مطلقاً؛ لا بالاستقلال ولا تبعاً، ومنها ما هی قابلة‏‎ ‎‏للجعل تبعاً لا استقلالاً، ومنها ما هی قابلة له استقلالاً، وأنّ الشرطیّة والجزئیّة‏‎ ‎‏والمانعیّة من قبیل القسم الثانی‏‎[4]‎‏، ومعناه أنّه إذا أراد الشارع جعل شیء جزءً لشیء‏‎ ‎‏أو شرطاً، فلابدّ من ملاحظة ذلک الشیء معه، ویأمر بالمجموع؛ لیصیر جزءً، أو‏‎ ‎‏ملاحظته مقیّداً به؛ لیصیر شرطاً، وهو المراد من الجعل التبعی، وإلاّ فلا یمکن أن یأمر‏‎ ‎‏بطبیعة الصلاة أوّلاً، ثمّ یجعل الأجزاء والشرائط بجعلٍ مستقل، فالصلاة مع الطهارة‏‎ ‎‏المائیّة بالنسبة إلی واجد الماء مأمور بها بأمر مستقلّ، وهی مع الطهارة الترابیّة‏‎ ‎‏مأمور بها بأمر آخر مستقلّ.‏

‏وعلی ما ذکره یلزم أن یکون جمیعُ الأدلّة التی ظاهرها أنّها فی مقام جعل‏‎ ‎‏الجزئیّة والشرطیّة ـ مثل قوله ‏‏علیه السلام‏‏: ‏(لا صلاة إلاّ بفاتحة الکتاب)‎[5]‎‏ أو ‏(... بطهور)‎[6]‎‎ ‎‏وقوله تعالی: ‏‏«‏فَوَلِّ وَجْهَکَ شَطْرَ اَلْمَسجِدِ الْحَرَامِ‏»‏‎[7]‎‏ أو ‏‏«‏فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا مَاءً‎ ‎فَتَیَمَّمُوا صَعِیداً‏»‏‎[8]‎‏ ونحوها ـ إرشادیّة إلی ما هو جزء أو شرط واقعاً بالجعل التبعی.‏

والحاصل: ‏أنّ محطّ البحث ـ لو خُلّی وطبعه ـ هو ما إذا کان الأمر واحداً متعلّقاً‏
‎[[page 289]]‎‏بالطبیعة، مثل ‏‏«‏أقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوکِ الشَّمْسِ‏»‏‎[9]‎‏ ثمّ بیّن أنّها مشروطة لدی الاختیار‏‎ ‎‏بالقیام حال القراءة والطهارة المائیّة، وأنّه یکفی الطهارة الترابیّة عند فقد الماء، أو‏‎ ‎‏الجلوسُ حال القراءة عند الاضطرار، وفُرض أنّ المکلّف فی بعض وقته فاقد للماء أو‏‎ ‎‏مضطرّ، وواجد له أومختار فی آخر الوقت أو خارجه، وفُرض أنّ الشارع سوّغ له‏‎ ‎‏البِدار، فیقع البحث فی أنّه هل هو مُجزٍ، ولا یجب الأداء والقضاء؟ فلابدّ من البحث‏‎ ‎‏عن کلّ واحد منهما.‏

إذا عرفت هذه فنقول:

‎ ‎

‎[[page 290]]‎

  • )) المائدة (5) : 6.
  • )) النساء (4) : 43، المائدة (5) : 6.
  • )) کفایة الاُصول : 108 .
  • )) اُنظر کفایة الاُصول : 455 ـ 456.
  • )) عوالی اللآلی 1 : 196 / 2.
  • )) نفس المصدر 2 : 209 / 131.
  • )) البقرة (2) : 144.
  • )) النساء (4) : 43، المائدة (5) : 6.
  • )) الإسراء (17) : 78.

انتهای پیام /*