الأمر السادس : فی المقصود فی الحال فی عنوان البحث
لیس المُراد بالحال فی عنوان البحث زمان النطق قطعاً؛ ضرورة عدم التجوّز فی قولنا : «کان زید ضارباً أمس» ولو علی القول بوضعه لخصوص المتلبّس مع عدم تلبّسه بالمبدأ حال النطق، وکذلک مثل «زید ضارب غداً» مع عدم الاشتغال به زمان النطق، ولا حال الجری والإطلاق ولا حال النسبة أیضاً؛ لتأخّر ذلک کلّه عمّا هو مورد البحث، فإنّ مورد النزاع إنّما هو فی المفهوم التصوّری للمشتقّ، وأ نّه موضوع لأی شیءٍ تصوّراً، وهذا إنّما هو قبل الجری والاستعمال، بل المراد بالحال هو التلبّس الفعلی.
وحینئذٍ : فالنزاع فی المقام إنّما هو فی أنّ المشتقّ هل هو موضوع لخصوص المتلبّس بالفعل، أو المعنی الأعمّ منه وممّا انقضی عنه التلبّس؟
[[page 168]]وبذلک یظهر ما فی کلام بعض الأعاظم؛ حیث جعل المشتقّات علی أقسام؛ منها ما یعتبر فیها التلبّس، الثانی ما لا یعتبر فیه التلبّس فی الحال، بل یکفی المَلَکة، وجعله حقیقةً فی الأوّل ومجازاً فی الثانی؛ لما عرفت أنّ الکلام فی المقام إنّما هو فی المفهوم التصوّری من دون دَخْل للاستعمال فیه، بل النزاع جارٍ وإن فُرض عدم استعمال المشتقّ أصلاً، ولم یجرِ علی الذات.
وظهر أیضاً : اندفاع ما أورده بعضهم علی جریانه فیما یمتنع التلبّس بالمبدأ فی الخارج، کالممتنع فی قولنا : «شریک البارئ ممتنع»، أو لم یتلبّس به وإن لم یکن ممتنعاً، کما فی «زید معدوم»؛ لعدم ثبوت ذات فیهما یثبت له الامتناع أو العدم للقاعدة الفرعیة، وهی «أنّ ثبوت شیءٍ لشیءٍ فرع ثبوت المثبت له» وإلاّ یلزم انقلاب الامتناع إلی الإمکان والعدم إلی الوجود انتهی.
لما عرفت أنّ الکلام إنّما هو فی المفهوم التصوّری للمشتقّ من غیر دخْل لتحقّق التلبّس فی الخارج وإمکانه.
وأمّا ما أجاب به عن الإیراد : من أنّ المراد بالمحمول فی مثل «شریک البارئ ممتنع» و «زید معدوم» هو الکون الرابط، فلا یحتاج إلی ذاتٍ ثبت لها الامتناع أو العدم.
ففیه : أنّ الکون الرابط المصطلح علیه إنّما هو فیما کان الموضوع موجوداً، کما فی «زید أعمی» ولو فی المحمول العدمی، لا فی الموضوع الممتنع أو المعدوم، کما فی المقام، فهو ینافی عدم وجود الموضوع أو امتناعه، نعم لا یُنافی عدم المحمول أو امتناعه کما فی «زید أعمی».
[[page 169]]