انصراف أدلّة المعاملات إلی العرفیة منها
هذا، ویمکن أن یقال : إنّه لا شبهة فی انصراف أدلّة المعاملات ـ مثل «اَحَلَّ الله ُ الْبَیْعَ» و «أوْفُوا بِالعُقُودِ» ـ إلی ما هو المتعارف من تلک المعاملات عند العرف والعقلاء، فإنّ الشارع أیضاً کواحدٍ من أهل العرف لیس له اصطلاح خاصّ فی خطاباته المتوجّهة إلی العرف قطعاً.
وحینئذٍ : فما هو عند العرف هو المنصرف إلیه الإطلاقات، وهذه الإطلاقات مسوقة لإمضاء المعاملات العرفیّة.
وأمّا ما ردع عنه الشارع ولم یُمضه، کبیع الخمر والخنزیر ونحوهما، فلیس
[[page 132]]لأجل أنّها لیست بیعاً عرفیّاً؛ بنحو إعدام الموضوع فی العرف؛ لأنّه کذبٌ.
وأمّا الحکم بإعدام الموضوع شرعیّاً فهو صحیح، لکن لا ارتباط له بأدلّة الإمضاء؛ لتغایر الموضوعین من جهة لحاظ محیط الشرع فی أحدهما ومحیط العرف فی الآخر، نظیر عدم الارتباط بین «لا تکرم التجّار» وبین «أکرم العلماء» وحینئذٍ فإخراج بعض الأفراد من قوله: «اَحَلَّ الله ُ الْبَیْعَ» لا یخلو أنّه بأحد نحوین :
إمّا : بنحو التخصیص والإخراج الحکمی، مع بقاء الموضوع وعدم إعدامه عرفاً، وحینئذٍ فالبیع الربوی بیعٌ عرفی، لکن لا یترتّب علیه الأثر.
وإمّا : بنحو الإخراج الحکمی، لکن بلسان نفی الموضوع، لا إعدام الموضوع فی محیط العرف، المعبَّر عنه بالحکومة، فقوله تعالی : «اَحَلَّ الله ُ الْبَیْعَ» مطلقٌ یُتمسّک بإطلاقه الشامل لجمیع أنواع البیع العرفی، فمتی ظفرنا بالمقیِّد والمخصِّص نأخذ به، ومع الشکّ فی اعتبار قیدٍ أو شرطٍ؛ لعدم قیام حجّة علیه، فلا مانع من التمسّک بالإطلاقات لنفیه، فتأمّل جیّداً.
[[page 133]]