المقدمة وتشتمل علی اُمور

المبحث السادس فی بیان أوضاع أسماء الإشارات والضمائر والموصولات

کد : 149148 | تاریخ : 09/02/1394

المبحث السادس فی بیان أوضاع أسماء الإشارات والضمائر والموصولات

أمّا أسماء الإشارات : ‏فذهب بعضهم‏‎[1]‎‏ إلی أنّها موضوعة لیشار بها إلی شیءٍ،‏‎ ‎‏وآخرون‏‎[2]‎‏ إلی أنّها موضوعة للمشار إلیه قالَ ابنُ مالک : بذا لمفردٍ مُذکّرٍ أشِرْ‏‎[3]‎‏.‏

والتحقیق : ‏أنّها موضوعة لإیجاد الإشارة الجزئیّة الخارجیّة، التی یُحمل علیها‏‎ ‎‏مفهوم الإشارة بالحمل الشائع، القائمة بالمشیر والمشار إلیه، الغیر المستقلّة بالذات،‏‎ ‎‏کسائر المعانی الحرفیّة، فهی ـ أیضاً ـ حروف لا أسماء؛ لعدم استقلال معانیها، لا فی‏‎ ‎‏الذهن والتعقّل، ولا فی الخارج، وقد یوقع الإشارة بغیر ألفاظها، کالإشارة بالإصبع‏‎ ‎‏إلی شیءٍ، فیُتوهّم خروج خطٍّ من رأس الإصبع ممتدٍّ إلی المُشار إلیه، وحینئذٍ فلا تقع‏‎ ‎‏أسماء الإشارة مبتدأً، کما توهّم النحویّون‏‎[4]‎‏ فی مثل «هذا زید»؛ لامتناع الإسناد إلی‏‎ ‎‏معنیً حرفی، بل المسند إلیه فیه هو المشار إلیه الخارجی، لا لفظ هذا، بل الأمر فی‏‎ ‎‏سائر القضایا ـ أیضاً ـ کذلک؛ لیس المسند إلیه إلاّ المعنی لا اللّفظ، وکذلک المسند؛ إذ‏‎ ‎‏الألفاظ بنفسها غیر مرتبطة بعضها مع الآخر ذاتاً، بل تبعاً لارتباط المعانی.‏

فانقدح بذلک : ‏فساد ما هو المشهور من أنّ «هذا» ونحوه أسماءٌ وُضعت للمُشار‏‎ ‎‏إلیه المحسوس، وأنّ الحقَّ أنّ لفظة «هذا» ونحوها آلة یستحضر باستعمالها المُشار إلیه‏‎ ‎‏فی ذهن المخاطب؛ لیحکم علیه بحکم، وهکذا الکلام فی المثنّی والجمع.‏


‎[[page 59]]‎‏وأمّا الضمائر ـ مثل «هو وهما وهم» ونحوها ـ فالحقّ أنّها ـ أیضاً ـ حروف لا‏‎ ‎‏أسماء، وأنّها موضوعة لإیجاد الإشارة، والفرق بینها وبین أسماء الإشارة المعروفة : هو‏‎ ‎‏أنّها للإشارة إلی الغائب، وتلک للإشارة إلی الحاضر المحسوس وما فی حکمه، وأمّا‏‎ ‎‏مثل «أنت وأنتما وأنتنّ ونحن» فالظاهر أنّها لیست بضمائر، بل لفظ «أنا» موضوع‏‎ ‎‏للمتکلِّم، و «أنت» للمخاطب الواحد، و «أنتما» لاثنین، و «أنتم» لثلاثة، وهکذا کما أنّ‏‎ ‎‏«زیداً وعمراً» موضوعان للشخص، والفرق هو أنّ الأعلام الشخصیّة موضوعة‏‎ ‎‏لشخص خاصّ مُعیَّن، بخلاف هذه.‏

وأمّا الموصولات : ‏فالغالب فیها أنّها حروف موضوعة لإیجاد الإشارة ـ أیضاً ـ‏‎ ‎‏إلاّ أنّها لإیجاد نحوٍ خاصّ من الإشارة؛ أی فیما إذا أراد المتکلِّم توصیف المشار إلیه‏‎ ‎‏بوصفٍ مثل «الذی والتی» وفروعهما، التی هی مرادفة لـ «آنکه» فی الفارسیّة، وأمّا نحو‏‎ ‎‏«مَنْ» و «ما» فالظاهر أنّها لیست من الموصولات.‏

فتلخّص : ‏أنّ الضمائر والموصولات وأدوات الإشارة کلّها حروف‏‎[5]‎‏ وضعت‏‎ ‎‏لإیجاد الإشارة فی الخارج، والدلیل علی ذلک هو التبادر وسبق الإشارة الخارجیّة من‏‎ ‎‏الألفاظ المذکورة إلی الذهن، فالوضع فیها عامّ والموضوع له خاصّ، وإنّ الواضع لها‏‎ ‎‏لاحظ المعنی الاسمی للإشارة، ووضع ألفاظها للأفراد الجزئیّة الخارجیّة للإشارة لما لها‏‎ ‎‏نحو حکایة عنها.‏

‏وإنّما الفرق بین الضمائر والموصولات وبین مثل «هذا» ونحوه، إنّما هو فی‏‎ ‎‏الخصوصیّات، وإلاّ فالجمیع لإیجاد الإشارة.‏

‎ ‎

‎[[page 60]]‎

  • )) اُنظر کفایة الاُصول : 27.
  • )) الفصول الغرویّة : 16.
  • )) شرح ابن عقیل 1 : 130.
  • )) شرح الکافیة 1 : 101.
  • )) وهنا إشکال، وهو أنّهم قالوا : إنّ الحروف لا تصریفَ فیها مع أنّها تجمع وتثنّی وتذکّر وتؤنّث.

انتهای پیام /*