الفصل الثانی عشر فی مقدّمة الواجب

الثانی من الاُمور : أنّ هذه المسألة هل هی من المسائل الاُصولیّة، أو من المبادی الفقهیّة، أو من المسائل الکلامیّة أو غیرها؟

کد : 149383 | تاریخ : 11/02/1394

الثانی من الاُمور : أنّ هذه المسألة هل هی من المسائل الاُصولیّة، أو من المبادی الفقهیّة، أو من المسائل الکلامیّة أو غیرها؟

فإن قلنا:‏ إنّ موضوع علم الاُصول هو عنوان الحجّة فی الفقه، کما عن بعض‏‎ ‎‏المعاصرین‏‎[1]‎‏، وعلیه فالمسائل الاُصولیة هی ما یُبحث فیها عن العوارض الذاتیّة‏‎ ‎‏للموضوع؛ وهو عنوان الحجّة، وعلیه فهذه المسألة من المبادی الفقهیّة، لا من المسائل‏‎ ‎‏الاُصولیّة؛ لعدم رجوع البحث فیها إلیٰ ما ذکرناه.‏


‎[[page 8]]‎وإن قلنا :‏ إنّه لا یلزم أن یکون لکلّ علمٍ موضوعٌ معیَّن یبحث فیه عن‏‎ ‎‏عوارضه الذاتیّة، مثل أفعال المُکلَّفین فی الفقه؛ لما عرفت فی أوّل الکتاب أنّ الوجوب‏‎ ‎‏والحرمة لیسا من الأعراض؛ کی یقال: إنّها من الأعراض الذاتیّة، أو من الأعراض‏‎ ‎‏الغریبة، مضافاً إلیٰ أنّ کثیراً من المسائل الفقهیّة لیست کذلک، مثل قولنا: «الماء الکرّ لا‏‎ ‎‏ینجّسه شیء» أو «أنّ القلیل ینجس بالملاقاة للنجس»، بل کلّ علم عبارة عن عدّة‏‎ ‎‏مسائل مرتبطة واحدة سنخاً.‏

وقلنا :‏ إنّ علم الاُصول علم آلیّ یمکن أن تقع نتیجته کبریٰ فی مقام استنباط‏‎ ‎‏الأحکام الفقهیّة أو التی یُنتهیٰ إلیها فی مقام العمل.‏

‏فعلیه فهذا البحث من المسائل الاُصولیّة؛ لإمکان وقوع نتیجته فی مقام‏‎ ‎‏الاستنباط وإن لم یکن واقعاً بالفعل، نظیر القیاس. هذا کلّه بالنسبة إلیٰ ما ذکرناه من‏‎ ‎‏أنّ هذا البحث عقلیّ.‏

‏وأمّا بناء علیٰ ما ذکره صاحب المعالم ‏‏قدس سره‏‎[2]‎‏ وتسلیم أنّ الدلالة الالتزامیّة من‏‎ ‎‏الدلالات اللفظیّة، فهو من المباحث اللفظیّة لعلم الاُصول.‏

‏لکن فیه إشکال ولومع فرض تسلیم أنّ الدلالة الالتزامیّة من الدلالات اللفظیّة؛‏‎ ‎‏للفرق بین الدلالة الالتزامیة وبین الملازمة المبحوث عنها فی المقام؛ لأنّ المناط فی‏‎ ‎‏الدلالة الالتزامیّة دلالة اللفظ علیٰ معنیً مطابقیّ ملازم لمعنیً آخر بحیث یستکشف من‏‎ ‎‏اللفظ بما هو لفظ المعنیٰ اللازم بواسطة المعنیٰ الملزوم، مثل قولنا: «الشمس طالعة»،‏‎ ‎‏فإنّه یدلّ بالمطابقة علیٰ طلوع الشمس، فیدلّ علیٰ وجود النهار بالالتزام.‏

‏وبعبارة اُخریٰ : الدلالة الالتزامیّة هی دلالة المعنیٰ من حیث إنّه مدلول مطابقی‏‎ ‎‏للّفظ علیٰ معنیً خارجٍ لازمٍ له، وما نحن فیه لیس کذلک، فإنّ هیئة الأمر تدلّ علیٰ‏‎ ‎‏البعث إلیٰ المادة، والمادّة تدلّ علیٰ الطبیعة لا بشرط، وهذا المعنیٰ ـ أی البعث إلیٰ‏
‎[[page 9]]‎‏الطبیعة ـ وإن دلّ علیٰ وجود الإرادة لذی المقدّمة، وهی ـ أیضاً ـ مستلزمة لإرادة‏‎ ‎‏المقدّمة، لکن هذه الدلالة لیست بما أنّها لفظ؛ بأن یستکشف من اللفظ من حیث إنّه‏‎ ‎‏لفظ هذا المعنیٰ بواسطة، بل بما أنّه فعل من الأفعال الاختیاریة؛ لما ثبت فی محلّه: أنّ‏‎ ‎‏کلّ فعل اختیاریّ صادر عن عاقل فهو مسبوق بإرادته، فی قبال الأشاعرة القائلین‏‎ ‎‏بالجزاف، ولیس فیه مناط الدلالة الالتزامیّة؛ لما عرفت أنّ المناط فیها استکشاف‏‎ ‎‏المعنیٰ من اللفظ بما هو لفظ بالواسطة، لا بما هو فعل.‏

‏ ‏

‎ ‎

‎[[page 10]]‎

  • )) انظر نهایة الاُصول 1 : 12 و 142.
  • )) اُنظر معالم الدین : 61 .

انتهای پیام /*