ومنها: مرسلة الصدوق
«کلّ شی ء مطلق حتّی یرد فیه نهی».
رواه الصدوق مرسلاً عن الصادق علیه السلام کما فی «الوسائل» فی کتاب القضاء، الباب 12 من أبواب صفات القاضی عن محمد بن علی بن الحسین، قال: قال
[[page 432]]الصادق علیه السلام: «کلّ شی ء مطلق حتّی یرد فیه نهی». وإسناد الصدوق متن
[[page 433]]الحدیث إلی الصادق علیه السلام بصورة الجزم شهادة منه علی صحّة الحدیث وصدوره عنه بنظره. وهذا النحو من الإرسال من دون أن یقول «عن الصادق علیه السلام» حاکٍ عن وجود قرینة أو قرائن کاشفة عن صحّة الحدیث وصدوره عنده، کما لا یخفی.
أمّا فقه الحدیث ودلالته: فقال الشیخ الأعظم أعلی الله مقامه: إنّه أوضح أخبار الباب، وظاهره عدم وجوب الاحتیاط.
ینبغی أوّلاً ذکر المحتملات الثبوتیة فی الحدیث، ثمّ الإشارة إلی ما هو الظاهر منه.
ولا یخفی: أنّ الاستدلال بالحدیث إنّما ینفع لو دلّ علی الإباحة الظاهریة للشاکّ فیما لم یصل إلیه نهی، وإن صدر النهی واقعاً.
یحتمل أن یکون المراد بالمطلق أحد اُمور:
الأوّل: أن یکون المراد منه عدم المحذور العقلی، وأنّ الأصل فی الأشیاء عقلاً الإباحة ما لم یرد فیها نهی، قبال القائل بالمحذور العقلی عند ذلک، وأنّ الأصل فی الأشیاء الحظر إلا أن یرد فیها أمر.
الثانی: أن یکون المراد منه الإباحة الشرعیة الواقعیة، بأن یکون الحدیث بصدد جعل الإباحة الواقعیة علی الأشیاء قبل ورود النهی.
والفرق بینهما هو أنّه علی الاحتمال الأوّل لم یجعل شی ء بخلافه علی الاحتمال الثانی فإنّه علیه جعلت الحلّیة الواقعیة.
الثالث: أن یکون المراد منه الإباحة الظاهریة، فالمراد بالحدیث جعل الإباحة
[[page 434]]الظاهریة علی الأشیاء فی ظرف الشکّ.
الرابع: أن یکون المراد بالإباحة الجامع بین المعانی الثلاثة المتقدّمة، أو بین معنیین منها.
ثمّ إنّ المراد بالنهی فی الحدیث إمّا النهی المتعلّق بالعناوین الأوّلیة، کالحرمة المتعلّقة علی ذات الخمر مثلاً.
أو المراد النهی المتعلّق بعنوان المشتبه احتیاطاً.
أو المراد الجامع بینهما.
ثمّ إنّ المراد بالورود إمّا الورود الواقعی المساوق للصدور، وإن لم یصل إلی المکلّف. أو المراد الورود علی المکلّف المساوق للوصول إلی المکلّف. أو المراد الأعمّ منهما.
وتفصیل الصور الحاصلة من ملاحظة المعانی المتصوّرة فی المطلق مع ما تصوّر فی معنی النهی والورود وإن کان لا یهمّنا، إلا أنّه حیث اُشکل فی إمکان إرادة بعض الاحتمالات، وأنّ تلک احتمال صرف یمتنع إرادته، فنذکّرها تشحیذاً للأذهان.
[[page 435]]